الأربعاء، 1 يونيو 2016

دور علماء الدين في إضلال الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم
مــدخـل
أساس فتنة المسلمين وإنقسام الأمة إلى سنة وشيعة كان بسبب الإختلاف حول الإمام ، ومتى تحددت شخصيته في ميزان أصول الدين توحدت كلمة الأمة، والمطلوب الآن من السنة والشيعة  إعادة قراءة هذه النصوص للوصول إلى كلمة سواء.
لقد خطت الشيعة خطوات جادة في إعادة قراءة تلك النصوص التي تخص الإمامة، وإمامة المهدي بصورة خاصة، فقد جاء في مقدمة كتاب(علائم الظهور في المستقبل المنظور) تأليف حسن النجفي/مؤسسة البلاغ الطبعة الأولى 1422هـ/2002م بيروت. وأقتطف من مقدمتة ما يلي:(يبدو أنه قد  آن الآوان لتغيير مسار البحث في موضوع المهدي(ع) فقد نحت بعض البحوث المتأخرة نحواً جديداً من حيث أنها لم تعد تتعرض لذات المسائل التي درج القدماء على التعرض لها والإفاضة فيها، وهي من قبيل إثبات وجود الإمام المهدي(أرواحنا فداه)وسوق الأدلة التاريخية على تولده وكونه ابن الإمام العسكري (ع) أو رفع الغرابة فيما يتعلق بالغيبة بذكر غيبة بعض الأنبياء(ع) عن قومهم كموسى ويوسف(ع)، أو تجميع الشواهد على إمكان طول العمر عن ما هو المتعارف بذكر عمر نوح(ع) وغيره من المعمرين...، إن هذه الموضوعات رغم أهميتها قد فقدت لدى جيلنا المعاصر شطراً كبيراً من جاذبيتها الأولى. فالذوق العام عند المؤمنين المثقفين لم يعد يستحلى هذا النمط من المسائل. ولذا يجب أن تنبثق في الدراسات المهدوية المعاصرة محاور جديدة من البحث، إذ أن الاهتمام ينبغى أن ينصب على الجوانب المتحركة كعلائم الظهور مثلاً، وهذا التحول الملحوظ في اتجاه البحث من الوجهة العقائدية إلى الوجهة الأيديولوجية له ما يبرره طبقاً لشكل الوعي السائد في هذا العصر، إن الموروث الضخم الذي تركه النبي وأهل بيته(صلوات الله عليهم) بصدد التخطيط لليوم الموعود من جملة ما يهدف إليه هو رفع درجة الوعي لدى الأجيال بمدى أهمية الفكر المهدوي الذي هو الامتداد الطبيعي للفكر الرسالي... والمهدوية التي هي جوهر عقيدة الإمامة في الفكر الشيعي لها حضورها في وعي كل إمام من أئمة الهدي(ع). سئل الصادق(ع) عن قوله تعالي: }وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ{ فقال:(كل إمام هاد للقرن الذي هو فيه) كما سئل أيضاً عن قوله تعالى: }يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ{ قال:(إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه).. إن الذهنية الإسلامية المتسلحة بالوعي الرسالي  لا يمكن أن ترتاب في العقيدة المهدوية وتبقي الخلافات بين المسلمين محصورة في إطار الهوية الشخصية للمهدي(ع) وماهية التخطيط الإلهي المرتبط بظهوره، ومعني ذلك أن المسالة ليست خلافاً في أصل العقيدة بل هي مجرد وجهات نظر، ويمكن أن تتوحد الكلمة بمجرد زوال الغموض الذي اعترى فهم بعض المفردات المتعلقة بالفكرة المهدوية، ومن هنا بالضبط ينبغي أن ينطلق كل بحث رصين وعصري حول المهدوية، نحن لا نفعل أكثر من تنحية رواسب الوعي المتحجر الذي وصل إلينا من عصور كان القول الفصل فيها للأهواء والنوازع الذاتية للحكام المنحرفين. فالمهدية أيديولوجية تنسجم تمام الانسجام مع نضج الوعي السياسي عند الناس... إن كل ما يوجد بأيدينا حول تاريخ المهدي ومعني الفكرة المهدوية من روايات وأخبار يمكن أن يتم تطويعه لزوق العصر وجيله الراهن..) علائم الظهور- حسن النجفي.
أقول: إذا سلكت أمة المسلمين منهج الحسن النجفي في البحث في (إطار الهوية الشخصية للمهدى وماهية التخطيط الإلهي المـرتبط  بظهوره ... زوال الغموض الذي اعترى فهـم بعض المفردات المتعلقة بالفكرة المهدوية )لتعرف المسلمون على إمام هذا الزمان وكمل إيمان هذه الأمة، ولا إيمان بدون راشد هذا الآوان، عند ذلك تعلو كلمة المؤمنين على كلمة أهل التثليث بقيادة الدجال الذين تطاولوا على الإسلام حتى بلغوا درجة تحريف القرآن. 

المـقدمة
اخترت لهذه النشرة موضوع (دور العلماء في إضلال الأمة) بعد صراع مضني مع نفسي وضميري ما زال يسأل عقلي بإلحاح كيف أختار هذا العنوان وارفعه في وجه العلماء وأنا أعلم يقيناً بأن العلماء هم ورثة الأنبياء ولو لا فضل العلماء عليّ وعلي الناس لما وصل إلينا القرآن طرياً كما ألقاه جبريل عليه السلام علي قلب محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه إلي الصحابة رضوان الله عليهم. وتحمل مسئولية نقله هؤلاء العلماء الأجلاء  الأمناء فحق لهم الإجلال والتقدير، فنحن جميعاً ربائب نعمتهم وصنيع فضلهم ولولاهم لاندثرت  معالم الدين الحنيف ولولجت الأمة متاهات الغواية والضلال....
ولكن سنن الله تفرض نفسها طوعاً أو كرهاً يقول تعالي: }أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{مريم الآية 58-59.
هذا في شأن الأمم السابقة، إلا أن المخالفة ليست قاصرة علي اليهود والنصارى بل يمتد الأمر إلي هذه الأمة أيضاً، وجاء الخطاب صريحاً لأمة الإسلام قال تعالي: }شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ{ الشورى الآية 13-14.
إن آيات الشورى هذه صريحة في توجيه الخطاب للمسلمين وهم الذين شكوَّا في مدي صلاحية القرآن وريادته لقيادة المسلمين وتوجيه فكرهم واتهموا التشريع الإسلامي بالجمود والتخلف عن مواكبة  ركب الحضارة وفضلوا  عليه القوانين العلمانية الوضعية، وهذا هو مصدر شكهم في دينهم وكفرهم بالقرآن وهم لا يشعرون.
وهناك أسباب أخرى غفل عنها العلماء تردت بالأمة إلي المهالك وهو موضوع  هذه النشرة وما اسعي جاهداً لتوضيحه وتبليغه للأمة.
فـصل: حـسن الـنوايا
لو سألت المسلمين أفراداً أو جماعات لقالوا لك: نحن نؤمن بالقرآن ولا نشرك بربنا أحدا وبالملائكة والكتاب والنبيين ولا نفرق بين أحد منهم واليوم الأخر والقدر خيره وشره ونؤدي ما علينا من تشريع الدين ولكن يعترينا القصور وإن القصور والذنوب لا تلحق المؤمن  بمرتبة الكفر والشرك.
أقول: إن هذا القول علي درجة عالية من الصحة بالإجتهاد العقلي ولكن المرجعية في الشأن الديني مردها نصوص الكتاب والسنة لأنهما مصدر التشريع يقول تعالي: }هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضـَلَالٍ مُبِينٍ{ الجمعة الآية2.وقال تعالي: }وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ.. { البقرة الآية 231.
فالكتاب معلوم والحكمة هي السنة المطهرة قال ابن كثير في تفسيره لآية الإسراء:قال عبد الله ابن الإمام احمد حدثنا محمد بن إسحاق بن محمد المسيني حدثنا انس بن عياض حدثنا يونس بن يزيد قال: قال ابن شهاب: قال انس بن مالك: كان أُبى بن كعب يحدث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطشت من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلي السماء...).
فالدين الحق هو ما يقرره الكتاب والسنة وليس الذي تحدده أمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من قبلكم قال تعالي: }أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا{ فاطر الآية 8. وقال: }وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ{ الزخرف الآية 36-37. وقـال أيضـاً: }قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا{ الكهف الآية 103-104.
فـصل: ثلة الإسـلام
ولكي لا تستغرب الأمة والعلماء من هذه المقدمة أستعجل لهم خاتمة أعمال هذه الأمة ومصيرها يوم القيامة الذي هو حصاد وخراج أعمالها في الدنيا، فقد قرر الله تعالي في سابق علمه مآل أعمال المسلمين في سورة الواقعة والتي تعني يوم القيامة قال تعالي مخاطباً المسلميـن: }وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{الآية 7-11.
صنفت الآيات الأمة إلى ثلاث مراتب:
(1) أصحاب اليمين.    (2) أصحاب الشمال.      (3) السابقون.
ثم جاء التفصيل عن السابقين:
فقال تعالي: }وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ  {الواقعة الآية 10-14.
وفي تفصيل أصحاب الميمنة قال تعالي: }إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ{الواقعة الآية 35-40. وعن تفصيل أصحاب الشمال قال تعالي: }وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوحَّلُونَ َ  (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ{الواقعة 41-50.
قوله: }إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ{ من أصحاب الشمال يقابله ثلة الأولين وثلة الآخرين في أصحاب اليمين، وثلة الأولين وقليل من الآخرين في ثلة المقربين السابقين، وبذلك تكتمل الأزواج الثلاثة في أمة المسلمين لأن الآية صريحة في توجيه الخطاب للمسلمين في قوله}وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً{ .
لقد فصّل القرآن ثلة الأولين المتمثلة في الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه وأجمل القول في ثلة الآخرين في قوله تعالي: }هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيـمُ{ الجمعة الآية2-3.
فثلة  الأولين هم الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وثلة آخرين أجملها في قوله: }وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ{ وجاء تفصيل ثلة الأولين وأجمل القول في ثلة الآخـرين أيضاً فقـال تعالي: }وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ التوبة الآية 100. فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ثلة الأولين والذين إتبعوهم بإحسان هم ثلة الآخرين دل علي ذلك كلمة }الْأَوَّلِينَ{ التي تقابلها كلمة الْآَخِرِين{. وجاء دور السنة في تفصيل ثلة الآخرين فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: } ليدركن المسيح أقواماً مثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات، لن يخزي الله أمةً أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها { أخرجه الحاكم.
يلاحظ أن الآيات السابقة في سور الواقعة والجمعة والتوبة سكتت عن وسط الأمة ما بين أول الأمة وآخرها ولكن جاء بيان ذلك في قوله صلي الله عليه وسلم: }خير هذه الأمة أولها وآخرها، أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسي ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم{ رواه أبو نعيم في الحلية.
هنا يدق ناقوس الخطر لإيقاظ الأمة الذين لم يدركوا رسول الله صلي الله عليه وسلم ليكونوا من ثلة الأولين مع الصحابة المهاجرين منهم والأنصار، ولم يدركوا المسيح ويصحبوه في بعثته ليكونوا في ثلة الآخرين، فهم لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء، فتعلق هؤلاء بالإنتساب إلي الإسلام من قبيل الأماني المضللة ولمَّا قال تعالي: }وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ{ التوبة الآية115. فإني سوف أورد أسباب ضلال هذه الأمة وكيف أن هذه الأمة إبتعدت عن منهاج الدين ويحسبون أنهم مهتدون.
فـصل: شـرعة الله ومنهاجه
خلق الله آدم في الجنة وأحلّ له طيباتها إلا شجرة منها، فنسي ودلاه الشيطان بغرور فتاب آدم فغفر له ربه وأنزله من الجنة ووعده وذريته أن يعيدهم إليها إن هم أوفوا بعهده الذي بينه في قوله تعالي: }قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{ البقرة الآية 38.وهي إشارة ربانية إلى بعثة المهديين. وقال تعالي : }يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{الأعراف الآية 35. هذه الآية دليل الوعد بإرسال الرسل بالكتب السماوية المعبر عنها بقوله }يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي{ وجمع معني آيتي الأعراف والبقرة فـي آيـة مريم فقـال: }أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{ مريم الآية 58-59. ورد في الآية ذكر الأنبياء والمهديين والخلف من بعدهم الذين تغويهم الأهواء وجاء ذكر المهديين مستقلاً  في قوله تعالي: }إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ{ الرعد الآية 7. وقال: }يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا{ الإسراء الآية 71. فالإمام هو مهدي كل زمان وكذلك القرآن إمام لأنه هو الذي يرشد إلى إتباع خليفة كل زمان فيتحد المعني. قال رسول الله صلي الله عليه وسلـم: }أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيري إختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار{ صحيح رواه الترمذي. نجد في الحديث تحريض الرسول صلي الله عليه وسلم وحثه للأمة علي المبالغة في إتباع سنة المهديين إلي درجة العض عليها بالنواجذ وهي من الأسنان أكملها نمواً وقوة.
وورد في السنة ذكر المهديين بإطلاق الكثرة أو تقييد العدد باثني عشر  ولم تقيد الخلفاء المهديين بالأربعة من الصحابة أبى بكر وعمر وعثمان وعلي.قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في إطلاق العدد: }كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وأنه سيكون خلفاء كثيرون قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم{ رواه البخاري.
وأخذت من مصادر الشيعة عن قصد الأحاديث المقيدة للأئمة المهديين باثني عشر إماماً لألفت نظر الشيعة إلي حقيقة هامة وهى إقامة الحجة على الشيعة بالنصوص التي يعتمدون عليها في إثبات الإمامة بعد أن أقمت الحجة على السنة في النشرات السابقة في هذا الشأن فقد جاء كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) تأليف أبى جعفر محمد بن علي بن بأبويه ألقمي الصدوق-طباعة مؤسسة النشر الإسلامي بقم إيران.قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }ابشروا ثم ابشروا  ثلاث مرات، إنما مثل أمتي كمثل الغيث لا يدري أوله خير أم آخره، إنما مثل أمتي مثل حديقة أطعم منها فوجاً عاماً ثم أطعم منها فوجاً عاماً، لعل آخرها فوجاً أن يكون أعرضها بحراً وأعمقها طولاً وفرعاً وأحسنها جنىً، كيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر بعدي من السعداء أولى الألباب والمسيح عيسى ابن مريم آخرها وبين ذلك ثبج الهرج ليسوا مني ولست منهم{ وهذا الحديث السابق يفسره الحديث التالي في نفس المصدر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }كيف تهلك أمة أنا وعلي وأحد عشر من ولدي أولى الألباب، أنا أولها والمسيح ابن مريم أخرها ولكن يهلك بين ذلك من لست منه وليس مني{ وهذا الحديث أدخل عيسى ابن مريم في الأحد عشر ولداً للرسول صلي الله عليه وسلم. والحديث التالي في نفس المصدر أيضاً يعزز ويؤكد المعني.
قال: حدثنا احمد بن محمد بن علي بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }الأئمة بعدي أثنا عشر أولهم أنت يا علي وأخرهم القائم الذي يفتح الله عزّ وجلّ علي يديه مشارق الأرض ومغاربها{.
فصل: نسـب المـسيح المهـدي
وبإعادة قراءة نصوص الأحاديث السابقة نجد أن المسيح هو آخر الأئمة الاثني عشر وقائم أهل البيت، هذا ما دلت عليه النصوص عند الشيعة. فالحديث التالي من نفس المصدر الشيعي يؤكد المعني السابق، مع إضافة حكم من أنكر علي الأئمة قال: حدثنا علي بن احمد بسنده عن سيدنا علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }الأئمة بعدي اثناعشر أولهم علي بن أبي طالب وأخرهم القائم هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أمتي بعدي المقر بهم مؤمن والمنكـر عليهم كافر{ المصدر ص 59.
لقد إختزل الحديث عيسى آخر الخلفاء في القائم الآخر وهنا يجب أن يعلم الكل حقيقة كانوا يجهلونها جميعاً سنة كانوا أم شيعة وهي أن عيسى ابن مريم يولد ثانية ويلده رجل من أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم وشاهد ذلك من الكتاب قوله تعالي للرسول صلي الله عليه وسلم: }لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ{ البلد  الآية 1-3. وذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث فتنـة السراء فقـال عليه الصـلاة والسـلام:}... ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني ... {رواه أبو داؤود .
هذا الرجل البيتي الذي يتصل نسبه بالرسول صلي الله عليه وسلم بالإثبات والنفي في الكتاب والسنة على حد سواء في الكتـاب}وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ{ وفي السنة }رجل من أهل بيتي... وليس مني{ هو مهدي هذه الأمة الذي جاء نسبه في (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) لأبن حجر الهيتمي عن النبي صلي الله عليه وسلم مختصراً قال بن حجــر وذكـر نسبـه: }من ذرية الحسن: أبوه حسيني وأمه حسنية{ لاحظوا أن نسب المهدي لأمه الحسنية وليس لأبيه الحسيني، وهذا النسب لا يصح لأحد من آل البيت إلا لعيسى ابن مريم بميلاده في آل البيت الذي دلت عليه النصوص السابقة التي تؤكد أنه قائم أهل البيت .
ورمز ابن عربي إلى ميلاد المسيح في هذه الأمة فقال:(وأما النبي عليه السلام فإنه اجتمع به في الأرض التي خلق منها آدم عليه السلام وفي هذه الأرض من العجائب ما يعظم سماعه يكبر استشناعه، وقد ذكرت هذه الأرض وما فيها من العجائب وما تحويه من الغرائب في كتاب أفردته لها سميته بكتاب(الإعلام بما خلق الله من العجائب في الأرض) التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السلام، وأعلموا أن زمانه أربع من صور العقود الأول علـى حسب ما حط له في الأزل، فكان العـام الأول كشهـر والعام الثاني كجمعة والعام الثالث كيوم والعام الرابع كساعة، وما بقي من الأعوام كخطرات الأماني والأوهام وانه زائل عن مرتبته بختمه وظاهر بعلم غيره لا بعلمه، وجار في ملكه على خلاف حكمه، ولو لا ظهر بهذا العلم وحكم بهذا الحكم ما صح له مقام الختم ولا ختمت به ولاية ولا كملت به هداية، وان له حشـرين ولصحبـه فجريـن ولوجهه نورين، وفي حفظه علمين، وله عالمين يشركهما في حكم، ويخص أحدهما بحكم، فهو صاحب حكمين وهو من العجم لا من العرب آدم اللون أصهب أقرب إلى الطول منه القصر كأنه البدر الأزهر أسمه عبد الله وهو إسم كل عبد لله وأما إسمه الذي يختص به فلا يظهر فيه إعراب وينصرف في صناعة الإعراب، أوله عين اليقين وآخره قيومية التمكين، ونصف دائرة الفلك من جهة النصف الذي هلك لا يدعى بإسم سواه ولا يعرف أباه، إن وقف قلت سرولة وإن مشي مشي بين السعي والهرولة، مرضي القول مشكور الفعل وهذا هو فاعلمه-(ورمز إلى إسمه بطلاسمٍ)- وواصل القول: فها قد وضحت لك فيه الدليل ومهدت لك السبيل وأغلقت عليك بالنص باب التأويل وعينته لك بإسمه ونسبه- ثم خط طلاسماً-وواصل القول: وسره الشريف ومنصبه وان الصديق الأكبر تحت لوائه وانه سيد الأوليـاء كمـا أن سيدنـا سيـد أنبيائه وإن شئت أوضحه لك في العدد وأقسم لك بهذا البلد ..)عنقاء ص74-75.
ولكي أصبغ كلام ابن عربي بصفة التشريع أقيده بنصوص الكتاب أو السنة وعلي هذا الهدي نبين الأتي:
قوله (وأما النبي صلي الله عليه وسلم اجتمع به في الأرض..) دليل علي أنه هو عيسى ابن مريم لصلاته خلف النبي عليه السلام في المسجد الأقصى ليلة الإسراء وفيه دلالة قاطعة بأن خاتم الأولياء ليس هو محمد المهدي عند الشيعة فذاك لم يولد في ذلك الوقت، حتى لو صحت ولادته فيما بعد. وقوله(زايل ) واصل بمرتبة الهداية في هذه الأمة-(عن مرتبته)في النبوة في بني إسرائيل (بختمه) بكونه يبعث مهدياً (وظاهر بعلم غيره) علم الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب وهو القرآن، والسنة وهي الحكمة الواردة في قوله تعالي: }وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.. {آل عمران الآية 48-49.
فتعلم عيسى التوراة والإنجيل في بعثة النبوة أما الكتاب والحكمة فهما ما أنزل علي محمد عليه الصلاة والسلام في قوله تعالي: }هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهــُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ... {الجمعة الآية2. وقولهَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ { البقرة الآية231. ويتعلم عيسى ابن مريم (الكتاب)- القرآن –(الحكمة)- سنة النبي صلي الله عليه وسلم في بعثته مهدياً – خاتماً للمهديين في هذه الأمة ولو لا ظهور عيسى ابن مريم بالقرآن والسنة (لما صح له مقام الختم) لأن الرسالة ختمت بالرسول صلي الله عليه وسلم والكتب بالقرآن.
وقوله(أن له حشرين) يحشـر نبيـاً رسولاً في بني إسرائيل ويحشر أيضاً إماماً مهدياً في هذه الأمة، ولصحبه من الحواريين في بني إسرائيل فجر، ولصحبه في هذه الأمة كما في قوله صلي الله عليه وسلـم: }ليجدن عيسى ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه{ فجر أخر. وهو قول ابن عربي(ولصحبه فجرين).
وقوله(اسمه عبد الله وهو إسم كل عبدا لله) إشارة إلي قوله تعالي علي لسان المسيح: }قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا{مريم الآية30.  وإن عبد الله إسم مرتبة العبودية لله .
وأما قوله(وأما إسمه الذي يختص به فلا يظهر فيه إعراب) هو سليمان. وقوله(وينصرف في صناعة الإعراب) هي مشتقات الإسم سليمان مثل سليم ، سالم ، مسّلم ...الخ.هذه المشتقات تنصرف في صناعة الإعراب ، أما إسم عيسى فليس له مشتقات.
وقوله (والاسم الذي يختص به أوله عين اليقين)- قصد به الحرف الأول من عيسى(في النصف الذي هلك) زمان بعثة النبوة، أما الأخر في بعثة الهداية وهو سليمان، ورمز إليه بأخر حروفه فقال(أخره قيومية التمكين) بالحرف (ن) فإن عيسى ابن مريم عندما يظهر بالحرف (ن) آخر حروف اسم (سليمان) يمكـن الله له في الأرض علـي خـلاف ظهوره بإسمه(عيسى) إذ لم يك له تمكين في زمن النبوة فجاءت نون إسم سليمان مرتبطة بقيومية التمكين.ومعنى قيومية (القيام بأمر الله وهى الخلافة الربانية في قائم أهل البيت )الممكن في الأرض كما في قوله تعالى }الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ... { الحج الآية 41.
وقوله(لا يعرف أباه) وفي ذات الوقت قال(وعينته لك بإسمه ونسبه) فيه دلالة علي صلة نسبه بأمه لا بأبيه الذي لا يعرف، فكيف يجعل نسباً لإنسان لا يعرف أباه؟. بل الأغرب كيف يكون خاتم الأولياء مجهول الأب ما لم يـك هـو عيسى ابن مريـم الذي ليس له أب في الأصل علي التحقيق؟.
وقوله(وأوضحه لك في العدد وأقسم لك بهذا البلد) إشارة إلى نسبه في سورة البلد في قوله تعالـي: }لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ{ البلد الآية 1-3. ولما كان هذا المهدي البيتي هو عيسى ابن مريم فإن أكثر الأحاديث يهتم بنسب أمه إلى جانب أبيه وأحياناً الشك في ميلاده .
119-(165) عن كعب الأحبار قال:(ما المهدي إلا من قريش وما الخلافة إلا في قريش غير أن له اصلاً ونسباً في اليمن) الموسوعة للبستوى.
أقول: هذا النسب اليمني هو الذي يصف عيسي في بعض الأحاديث بالقحطاني لأن القبائل القحطانية من اليمن.
قال نعيم بن حماد في الفتن: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }ما القحطاني بدون المهدي{ الفتن حديث رقم 1146.
وقال ابو هريرة }لا تذهب الأيام والليلي حتي يسوق الناس رجل من قحطان{ الفتن حديث رقم 1147.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }لا تقوم الساعة حتي يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه{ الفتن حديث رقم 1148 صحيح أخرجه البخاري.
التعليق:لقد وصف النبي عليه الصلاة والسلام القحطاني بأنه لا يقل مرتبة عن المهدي ويعتقد الشيعة والسنة أن المهدي المنتظر شخصية فريدة لا تتكرر وإن اختلفوا في تحديده ويتحقق هذا الإعتقاد في امكان حمل معني }وما هو بدونه{ علي أن المهدي البيتي هو ذات القحطاني لأن ولاية الأمة في مقام المهدي لا تكون إلا من قريش للحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان{.
ورواه نعيم بن حماد عن عبد الله بن عمر عن ابيه قال: سمعت  رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: }لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس رجلان{ الفتن حديث رقم 1156.
هذا القحطاني هو القرشي الذي أخواله كلب الوارد في عجز الحديث الأتي وقبيلة كلب الواردة في هذا الحديث هي قبيلة المسيرية التي تعرف بـ(الكلابنة) وهي قبيلة قحطانية يمنية.
وإذا كان القحطاني بعد المهدي كما أورد نعيم بن حماد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: }سيكون من أهل بيتي رجل يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ثم بعده القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه{ الفتن حديث رقم 1154 فإن الحق في أحد ثلاثة لا رابع لها (1) أن يكون القحطاني هو عيسي بن مريم لانه لا يخلف المهدي إلا عيسي وكونه قحطاني فإنه يولد فيهم. (2)وإذا كان القحطاني غير عيسي فإن المهدي الذي يخلفه القحطاني هو عيسي نفسه وكون المهدي من آل البيت دلالة علي ميلاد عيسي الثاني (3) أن يكون المهدي البيتي والقحطاني صفتان لعيسي ابن مريم بميلاده في هذه الأمة.
وروى أبو داؤود في كتاب(المهدي) قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }يكون إختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل المدينة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من  الشام فيخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأي الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه بين الركن والمقام ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفي ويصلي عليه المسلمون{ هذا القرشي الذي أخواله كلب هو عيسى ابن مريم بدليل قوله}سنة نبيهم{ أي ظاهر بعلم غيره أي محمد صلي الله عليه وسلم، ويلاحظ أن البيعة تمت لذلك الرجل الهارب من المدينة إلى مكة وهو غير المهدي ولذلك قبل البيعة مكرهاً أما المهدي الحق هو القرشي الذي أخواله كلب في عجز الحديث وقد أشار ابن عربي إلى ذلك في قوله(فقد يبايع شخص على الإمامة وفي غيره تكون العلامة) عنقاء ص 62.
ونجد إشارة ابن عربي في قوله(يبايع شخص ...وفي غيره تكون العلامة) تشير إلى ما ذكره القرطبي في التذكرة:(فإن المهدي إذا خرج بالمغرب...ويكون على مقدمته صاحب الخرطوم) التذكرة  ص521.
وهذا النص يشير إلى عمر حسن احمد البشير الذي يتقدم المسيح في حكم الخرطوم، كما يشير أيضاً إلى المهدي المسيح الذي يحكم الخرطوم بعد البشير ويتقدم إلى نصرة المهدي المحاصر في المنارة البيضاء، وقوله(وفي غيره تكون العلامة) أي يبايع الناس البشير وفي غيره تكون علامة الإمامة وهي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الذي يحمله المسيح المهدي.أورد الهيتمي في القول المختصر في الباب الثاني عن الصحابة(العلامة الثانيه والعشرين): ( في كتفه علامة النبي صلي الله عليه وسلم)أهـ.
وبما ان النبوة ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا احد بعده يحمل علامة النبي الا عيسى ابن مريم فهو أي عيسى مولود آل البيت الذي يحمل علامة النبوة ومهدي هذه الأمة .



فصل: الشك في ميلاده
ولما كان ميلاد المسيح المهدي ثانية في هذه الأمة مصدر شك فإننا نجد هذا الشك في ميلاد قائم أهل البيت بما يؤكد بأنه المسيح، فقد أخرج الشيخ سلمان الحنفي في(ينابيع المودة) ص 448/ باب78 . بسنده عن علي بن موسى الرضي قال :(الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور وظلم وهو الذي يشك الناس في ولادته وهو صاحب الغيبة فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً وهو الذي تطوي له الأرض وهو الذي ينادي المنادي من السماء يسمعه جميع أهل الأرض ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق فيه ومعه وهو قول الله عزّ وجلّ}إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ{ وقول الله عزّ وجـلّ}يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ{ أي خروج ولدي القائم المهدي عليه السلام).
كل وصف لقائم أهل البيت هذا لا ينطبق إلا علي عيسى ابن مريم بمقياس القرآن فهو الآية في قوله تعالي:}وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ{ مريم الآية21. وهو الذي ينزل من السماء بعد رفعه}إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ{ آل عمران الآية55. وقوله (وهو الذي يشك الناس في ولادته) لأنه سبق له ولادة في بني إسرائيل وتكرار ولادته شئ غير مألوف وهذا مصدر الشك، أما لو كان غير المسيح فلا بد لظهوره من ميلاد. وقوله(وهو صاحب الغيبة)وغيبة المسيح معلومة برفعه، وذكر ابن عربي الشك في ميلاده فقال:(فقد يبايع شخص علي الإمامة وفي غيره تكون العلامة فتصبح المبايعة علي الصفات المعقولة لا علي هذه النشأة المجهولة، فيمد عند تلك المبايعة للخليفة الناقص في ظاهر الجنس، الخليفة المطلوب يده من حضرة القدس، فتقع المبايعة عليها من غير أن ينظر ببصره إليها، ولذلك يقع الإختلاف في الإمام المعين لا في الوصف المتبين، فقلّ خليفة تجمع القلوب عليه ولا سيما إن إختل ما بين يديه فقد صحت المبايعة للخليفة وفاز بالرتبة الشريفة، وإن توجه إعتراض فلا سبيل إلى القلوب المنعوتة بالمراض، ولما كان الحق تعالي الإمام الأعلى والمتبع الأولي قال}إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ{ ولا ينال هذا المقام الأجسم بعد النبي المصطفي الأعظم إلا ختم الأولياء الأطول والأكرم وإن لم يكن من بيت النبي فقد شاركه في النسب العلوي فهو راجع إلي بيته الأعلى لا إلي بيته الأدنى) عنقاء 62-63.
فقوله ( النشأة المجهولة) هي ميلاد عيسى من غير أب وهو ما أشار إليه من قبل في قوله (لا يعرف أباه) ولذلك وصفه بقوله (الخليفة الناقص في ظاهر الجنس) لميلاده من أم بلا أب ولذلك أشار إلي الشك في ميلاده في هذه الأمة (وإن لم يكن من بيت النبي فقد شاركه في النسب العلوي) وهو نسب الأنبياء الـوارد في قولـه تعالي: }ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ{ آل عمران الآية 34. وقوله(إلي بيته الأدني) أي النسب الطيني لان عيسـي وان كانت له ولادة في آل بيـت النبـي إلا أنـه ليس بضعة من أحد، لذلك قطع نسبه الطيني بآل البيت وأبقي نسبه الأعلى.



فصـل: إسـم القائم( سـليمان)
جاء في كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) لأبى جعفر محمد بن علي/طباعة مؤسسة النشر الإسلامي/بقم إيران. الباب السادس والخمسون. فصل: عن تسمية القائم حديث رقم (6):قال حدثني أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله عن جعفر بن محمد بن مالك عن علي بن الحسن بن فضال بن الريان عن الصلت قال: سئل الرضي عليه السلام من القائم عليه السلام فقال:(لا يري جسمه ولا يسمي بإسمه).
أقول: وفي هذا دلالة علي أن القائم ليس محمد بن الحسن العسكري الذي سمي (محمد) ولو لم ير لما سميّ – ولما أعتقد أحد بميلاده-.
وفي نفس المصدر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (سأل عمر أمير المؤمنين عليه السلام عن المهدي فقال: يا أبن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما أسمه؟ فقال: أما إسمه فلا، إن حبيبي وخليلي عهد إليّ أن لا أحدث عن إسمه حتى يبعثه الله عزّ وجلّ وهو ما إستودع الله عزّ وجلّ رسوله في علمه). هذا قول فصل من الإمام علي بن أبي طالب بأن المهدي القائم ليس محمد بن الحسن العسكري، لأن ذلك سمي وعرف الناس إسمه قبل أن يبعث خلافاً لقول الإمام علي كرم الله وجهه، وأن النبي صلي الله عليه وسلم وحده الذي خصه الله بمعرفة إسمه وقد ذكره صريحاً في الحديث التالي:
جاء في كتاب (من هو المهدي) للشيخ أبي طالب التجليل التبريزي/ طبع مؤسسة النشر الإسلامي 1409هـ صفحة 95: عن الشعبي عن تميم الداري قال: قلت يا رسول الله ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها أنطاكيا ما رأيت أكثر منها مطراً فقال صلي الله عليه وسلم: }نعم وذلك أن فيها التوراة وعصي موسى ورضاض الألواح ومائدة سليمان في غار إلى أن قال: فلا تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من عترتي إسمه إسمي وإسم أبيه إسم أبي خَلْقُه خَلْقِي وخُلُقُه خُلُقِي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً{. ولما كانت المائدة من خصوصية عيسى وحده فإن سليمان هو عيسى نفسه، وعليه فإن مائدة سليمان هي التي تكون عيداً لأصحاب المسيح سليمان من هذه الأمة بدليل قوله تعالي: }قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا{ المائدة الآية 114. قوله}لِأَوَّلِنَا{للحواريين في زمن النبوة. وقوله}وَآَخِرِنَا{ خلف الحواريين من هذه الأمة الذي ورد ذكرهم في قوله صلي الله عليه وسلـم: }والذي بعثني بالحق نبياً ليجدن عيسي ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه{ أخرجه الحاكم والترمذي ورواه أبو نعيم.
وأما قوله}إسمه إسمي{ لأن إسم عيسى وإسم النبي صلى الله عليه وسلم (عبد الله) ، وإسم أبي عبد القاسم يواطئ إسم (عبد الله) والد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فصـل: زمـن ظـهور القـائم
للقائم علامات تدل علي زمن ظهوره بظهور وتجلي تلك العلامات في الآيـات الكونيـة وفق قولـه تعالي: }وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{ النمل الآية93.
فقد سبق أن أوردت من علامات ظهور القائم (وهو الذي ينادي المنادي في السماء يسمعه جميع أهل الأرض ألا إن حجة الله قد ظهر) فإن أخبار دعوتي ستنطلق عبر الفضائيات فيسمعها جميع من في الأرض وأن ذلك كائن الآن. ومثل ذلك جاء في هامش كتاب (المهدي الموعود) للسيد عبد الحسين دستغيب ترجمة السيد احمد القبانجي ص 67/ طبعة بيروت. وعن الصادق(ع):(أن قائمنا إذا قام مد الله عزّ وجلّ لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد ويكلمهم فيسمعون صوته وينظرون إليه وهو في مكانه) ميزان الحكمة/ج1.
لا يشك أحد أن هذا الحديث يعد قمة في الإعجاز، لقد سبق نص هذا الحديث إختراع الفضائيات وقد مد الله في أسماع الناس بنقل الصوت والصورة عبر الفضائيات إلي أقاصي الأرض، وقد نوه الله تعالي إلي أن ذلك يكون بفعل الإنسان نفسه بقوله: }وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{ النمل الآية. وقوله تعالي: }وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ{ الصافات الآية 96. إن التقدم في العلم هو من صنع الله أبرزه علي يد عباده وذلك بعد أن ألهمهم وكشف لعقولهم خصائص المادة وصفاتها الفيزيائية والكيميائية في قوله تعالي: }قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى{طه الآية50.
قوله}هَدَى{ أي هدي عقول العلماء إلى كشف خصائص المادة وتطوير العلم الطبيعي، ولكن الإنسان ينكر أن يرجع فضل كشفه وتقدمه العلمي إلي الله، فكفر بنعمة الله وعزا علومه إلى نفسه فقال كما قال قارون من قبـل : }قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي{ القصص الآية78.
ومن هنا نشأ كفر الأنسان بنعمة الله وكفره تغطية الحقيقة وإظهار الباطل المزيف، وهذا هو التعريف الحقيقي للدجال وهو مأخوذ من الدجل بطلاء معدن بأخر رقيق وتغليفه به لإظهار المعدن الحقيقي على غير حقيقته، فبدل نعمة الله كفراً باعتبار أن التقدم في هذه العلوم الطبيعية ما جاء إلا نتيجة لتحرير عقل الإنسان عن حكر الأديان للحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية والعقائدية في المجتمع، فتحولت تلك العلوم بسبب سوء الاعتقاد من نعمة ربانية إلى دجال مارد يضاهي خلق الله.
إن وصف السنة للدجال يستحيل من الناحية العملية تجسيده في ذات بعينها، فقد جاء في وصفه عن الحسن قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : }الدجال يتناول السحاب ويخوض البحر إلى ركبتيه ويسبق الشمس إلى مغربها وتسير معه الآكام وفي جبهته قرن مكسور يخرج منه الحيات وقـد صور في جسده السلاح كله حتى السيف والرمح والسيف والدرق{البداية والنهاية لأبن كثير في صفة الدجال ص 128.
إن الدجال }يتناول السحاب{ بالطيران بالطائرات }ويسبق الشمس إلي مغربها{بالطائرات سابقات الصوت، }وتسير معه الآكام{ وهي قوات التدخل السريع، }وفي جبهته قرن مكسور تخرج منه الحيات{ هي الطائرات والقرن المكسور هي الصواريخ والقنابل الموجهة جو أرض هجـومية ودفاعيـة وهـو المعبـر عنه بـ}السيف والرمح والدرق{.
وقوله }يخوض البحر إلى ركبتيه{ هي السفن حاملات الطائرات التي تجوب البحار.
وجاء في وصف عين الدجال:-
(1) }إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء{ رواية احمد.وهي النظارات الزجاجية الملونة التي يستخدمها العامة .
(2) }عينه اليمني كأنها عنبة طافية{ رواه احمد.وهي العيون الاصطناعية المكورة التي تملأ محجر العيون المفقوءة.
(3) }كأنها نخامة على حائط{ رواية احمد. فهي العدسات الطبية اللاصقة وشبهت بالنخامة علي حائط لأن النخامة شفافة وزجاجية المظهر تماماً كالعدسة: اللاصقة علي حائط قرنية العين.
(4) }عينه اليسرى كأنها كوكب درئ{ رواه احمـد. هي الأقمار الإصطناعية والتي تستخدم عيناً للتجسس، فهي وتسمع الهمس عبر البحار والأقطار وهي ترى ليلاً بالعين المجردة كأنها كوكباً درئ . ومنها ما يستخدم عيوناً لتنقل لنا الصور والصوت عبر الفضائيات فتطوي لنا أبعاد الأرض فتريك الناس وتسمعك كلامهم في أقاصي الأقطار.
إن مثل هذه العيون المتعددة والمتنوعة من المستحيل اجتماعها على راس بشر واحد ولذلك تحتم الضرورة صرفها إلى أقرب التأويلات.
فلو حزا علماء المسلمين حزو اليهود والنصارى في تحليلهم لتمثال رؤيا دانيال إذ فسروا التمثال بالرمز إلى العصور المتعاقبة، لأدرك علماء المسلمين يقيناً أن الرجل الأعور الذي يركب حماراً إنما هو تجسيم لهذا العصر، وأن خوارقه إنما هي معجزات إنسان هذا العصر العلمية، لقد إتخذ العلماء إنتظار ظهور الدجال كما جسمته السنة وهو يحمل نهر جنة ونهر نار مع إستحالة ذلك من الناحية العملية مادة لتكذيبي بحجة أن الدجال يظهر قبل المسيح، ولكسر هذا الطوق فإني أثبت؛ دور العلماء بأكثر من وجه في إضلال هذه الأمة، وهو موضوع هذه النشرة، حتى يتحرر الناس من الانقياد الأعمى لهؤلاء العلماء، ويعيدوا النظر في كل ما تلقوه عنهم إحياءً لسنة رسول الله في قوله: }اسْتَفْتِ قَلْبَك.... وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْك{َ مسند أحمد مسند الشاميين حديث رقم17320..
فصـل: فـترة الضـلال
لقد أنبأ رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أمته ستضل بعده إلى درجة الكفر بسبب التآمر على الخلافة، ويلعب العلماء دوراً بارزاً في هذا الشأن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: }تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياًً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة ثم سكت{ رواه احمد وصححه الألباني.
هذا الحديث ينبئ بمستقبل الأمة منذ عهد النبوة إلى زماننا هذا فقد إنقضت النبوة بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام وانقضت الخلافة علي منهاج النبوة بعده بثلاثين عاماً بدأت بأبي بكر وانتهت بالحسن بن علي، قال ابن كثير في البداية والنهاية :(فهؤلاء المبشر بهم في الحديثين ليسوا الإثني عشر الذين زعم فيهم الروافض ما يزعمون من الكذب والبهتان وإنهم معصومون، لأن أكثر أولئك لم يل أحد منهم شيئاً من أعمال هذه الأمة في خلافة، بل ولا في قطر من الأقطار، ولا بلد من البلدان، وإنما ولى منهم علي وأبنه الحسن رضي الله عنهما، وليس المراد من هؤلاء الأثني عشر الذين تتابعت ولايتهم سرداً إلى أثناء دولة بني أمية، لأن حديث سفينة}الخلافة بعدي ثلاثون سنة{ يمنع من هذا الملك وإن كان البيهقي قد رجحه وقد بحثنا معه في كتاب (دلائل النبوة) في كتابنا هذا بما أغني عن إعادته ولله الحمد ولكن هؤلاء الأئمة الإثني عشر وجد منهم الأئمة الأربعة: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وأبنه الحسن بن علي أيضاً، ومنهم عمر بن عبد العزيز كما هو عند كثير من الأئمة وجمهور الأمة ولله الحمد، وكذلك وجد منهم طائفة من بني العباس، وسيوجد بقيتهم فيما يستقبل من الزمان حتى يكون منهم المهدي المبشـر بـه في الأحاديث...) البداية والنهاية ص 15.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: }أول من يغير سنتي رجل من بني أمية{  أخرجه ابن أبي عاصم وقال الألباني إسناده حسن.
وقال صلى الله عليه وسلم: }لينعقن جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا{  رواه احمد.
والذي غير سنة النبي في الحديث هو معاوية بن أبى سفيان وهو جبار بني أمية.
وبتولي معاوية بن أبي سفيان بدأ عهد الملك العضوض، وبدلاً من أن يزود العلماء عن عياض الدين الحنيف ومنهج التشريع بدأ العلماء يشرعون لسياسة الأمر الواقع المتمثلة في الملك العضوض والجبري فإندثرت معالم الخلافة الراشدة التي هي قوام الدين وميزان عدله، فوجد الجبابرة سنداً من هذا التشريع الجائر الذي إبتدعه العلماء فكان سبباً ضلت به الأمة جميعاً، مما أدي إلي تفرقها وذهاب دينها.
فصـل: إفـتراق الأمــة
قال علي حسن على عبد المجيد : يقول الدكتور عبد المتعال محمد عبد الواحد:(وكان عدم وجود إمام سبباً لظهور فئات تدعي لنفسها حق البيعة بغير حق ويمكن تقسيم هذه الفئات إلى ثلاث فرق أساسية:
(1) الفرقة الأولي قالت : إن تارك البيعة كافر ونصبت لنفسها إماماً ومن لم يبايعه فهو كافر في نظرهم.
(2) الفرقة الثانية قالت: إن البيعة فرض من تركه فهو آثم، ومن هنا نصبوا لأنفسهم أميراً حتى يسقط عنهم هذا الإثم.
(3) الفرقة الثالثة وهم المسلمون الذين لم يبايعوا أحداً حيث قالوا: إن ترك البيعة إثم ولكنها حق الإمام المسلم الممكن في الأرض وهذا لا وجود له الآن) الفرقان بين الكفر والإيمان ص 64 دكتور عبد المتعال.
وقال: على حسن على:(السمع والطاعة لا يكونان إلا لمن أمر الله تعالي بطاعته والذي يخص بحثنا هنا هو أمير المؤمنين وحده).
وقال أيضاً:(سبب اختلاف المسلمين اليوم في فهم البيعة، وعدم إتفاقهم علي الفهم الشرعي الصحيح لها باتوا متدابرين ومتفرقين ومختلفين) كتاب البيعة سندها ودليلها من الكتاب والسنة للكاتب علي حسن علي عبد المجيد ص 28./الطبعة الأولى 1406هـ.
التعليق: خلافة المسلمين لا تكون إلا لواحد في الزمان والتجزئة هي سبب الكفر لأن الرسول صلي الله عليه وسلم بعث للناس جميعاً وكافة قال تعالي: }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ{ سبأ الآية 28. وأن خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم خليفة لكل الناس وفي كل مكان في الأرض مؤمنهم وكافرهم علي حدٍ سواء، وإن تعدد الأئمة دليل علي الخروج عن منهج الله، والخروج عن الملة قال تعالي: }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ{الأنعام الآية 159.
فصـل: الخـلفاء المهـديون
أقول: رداً علي العالمين الدكتور: عبد المتعال. والأستاذ: علي حسن : إن زمان الأمة ما بين الرسول صلي الله عليه وسلم إلى أن يختم بعيسى ابن مريم لم يخل قط من إمام راشد يدعو الناس إلي إتباعه قال الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوى:(...وقال الحافظ بن حجر: وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة) المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة للبستوي ص286.
وهؤلاء الخلفاء الذين لا يخلو منهم زمن هم الذين قال فيهم رسول الله صلي الله عليه وسلم: }من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميته جاهلية{ أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849.
لقد ظل الأئمة على امتداد تاريخ هذه الأمة كلٌ يصدع في زمانه بدعوته ولكنه يجد من الإنكار والتكذيب والقتل والتعذيب والتشريد والتغريب ما لاقي الأنبياء من أممهم، فقد ذكر الدكتور للبستوى في (المهدي المنتظر) قول ابن تيميه (مع سعة علمه) يقول ابن تيميه:(أعرف في زماننا غير واحد من المشايخ الذين فيهم زهد وعبادة يظن كل منهم أنه المهدي، وربما يخاطب بذلك مرات ويكون المخاطب له بذلك شيطانه وهو يظن أنه خطاب من الله) المهدي المنتظر للبستوى ص99 .
لا أدري كيف ظن ابن تيميه أن المخَاطِب هو الشيطان وليس الله في مسألة في غاية من الحساسية، وإذا لم يعترف ابن تيميه وأعتبر خطابه من الشيطان، فمن إمام زمانه الذي اعترف به  وبايعه حتى لا يموت ميته جاهلية بنص الحديث الصحيح. علماً بأن النصوص صحيحة في خطاب الله لخلقه وخلفاؤه أحق بذلك ، كل خليفة هو مهدي زمانه ولم يكن المهدي في هذه الأمة واحداً.
 لقد كلم الله أم موسى قال تعالي: }وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{ القصص الآية7.
لقد علمت أم موسى بنبوءته قبله ولم يعلم بها حتى فوجئ بها عائداً بأهله إلى مصر من مدين، وأوحي الله للحواريين قال تعالي: }وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ{ المائدة الآية 111.  
وإذا كانت هذه الأمة أكرم الأمم فكيف تنكر علي أحد قال أنه كلمه ربه ولنا شاهد من السنة الصحيحة فقد روي البخاري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }إنه كان فيمن قبلكم محدثون وإن كان في أمتي فعمر منهم{. وفي رواية لغير البخاري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }قد كان فيما مضي قبلكم من الأمم أناس محدثون فإن يك في أمتي منهم أحد فإنه عمر بن الخطاب{. وفي رواية قال رسول الله صلي الله عليه وسلـم : }إنه كان فيمن قبلكم محدثون وإن كان في أمتي فعمر منهم{ الدرة الخريدة /ج1/ص 142.
لقد كان كل خليفة يعلن مهديته علي رؤوس  الأشهاد وآخر هؤلاء الشيخ/ إبراهيم الكولخي السنغالي. الذي توفي عام 1975 وورثت مقام الخلافة بعده، يقول الشيخ/ الكولخي في إعلانه بأنه المهدي في قصيدة جاء في بعض أبياتها:
وخلفني في ملكـه بعد غيبتـي   **   فصرت أنا الهادي وفزت ببغيتي
وما في حمي الماحي سواي منادياً **  وكل الذي تحت التجاني بفيضتي
قوله(خلفني) أن الله خلف الشيخ/ إبراهيم وليس بإرادة الشيخ/ الكولخي أو بمشاورة الناس ولكن الله إصطفاه خليفة لرسوله صلى الله عليه وسلم وعبر عنه بقوله (وما في حمي الماحي ) أي خليفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم علي الأمة جميعاً.
وبين الشيخ إبراهيم الكولخي أن المهدي بعده هو المهدي الخاتم فقال:
وأهدي الإمام المهدي الختم مرشداً  **  له كل وقت في مجال ومرقد
وحدد أنه  المسيح عيسى ابن مريم فقال:
فيختم عيسى لا تكون ولاية       **   بعيد ممات الروح فالخير يدفن
وعزز هذا الفهم في أبيات فقال:
وإني وإن كنت الأخير زمانه       **    لأرجو بشارات الأمين لصحبه
سيأتي زمان لا يزال وأمتي      **    وما قال في عيسى سلوٍ لحزبه
فأبيات الكولخي صريحة في أنه أخر المهديين ولم يبق بعده مهدي غير عيسى ابن مريم بلا فاصل زمني لأن الأرض لا تخلوا من حجة لله كما سبق.
إن مذهب الشيعة في الخلافة هو أن الخليفة يبعثه الله وليس باختيار الناس وهو أصل التشريع فهم يعتقدون أن وصية الله بالخلافة بعد النبي صلي الله عليه وسلم أنزلها الله في قوله تعالي: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه{المائدة الآية67. وقوله تعالي: }إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ{المائدة الآية 55. إلا أنهم تجاوزوا ذلك وأخذوا في تعيين خلفائهم باختيارهم فحق عليهم قوله تعالي: }أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ{البقرة الآية 44.
وعادة ما يخرج الأئمة من ضعفاء الناس ولكن الجماهير والعلماء ينحازون إلي الجبابرة أهل التمكين في الأرض كما كان إبراهيم عليه السلام مع نمروز وحال موسى عليه السلام مع فرعون باعتماد سياسة الأمر الواقع  وقد عبر  عن ذلك الحديث رواه عمر بن الخطاب في أسباب الفتن
فصـل: أسـباب الفـتن
عن عمر بن الخطاب قال: أخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال: }إنا لله وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل أنفاً فقال: إنا لله وإنا إليه رأجعون ، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون فمم ذلك يا جبريل؟. فقال: إن أمتك مفتتنة بعدك بدهر غير كثير، فقلت: فتنة كفر أم فتنة ضلال. قال: كل سيكون. فقلت من أين وأنا تارك فيهم كتاب الله؟. قال: فبكتاب الله يفتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم يمنع الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها فيقتتلون ويفتنون. ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون{ رواه أبو نعيم.
قوله}يمنع الأمراء الناس الحقوق{  إن الله يصطفى خلفاءه من عامة الناس ولكن ينازعهم الأمراء هذا الحق فيقتتلون.
نبوة هذا الحديث هي التي شكلت واقع الحياة السياسية والإجتماعية بعد زوال الخلافة الراشدة من الساحة السياسية وإغتصابها  بملك معاوية العضوض فبدأ العلماء في تشريع سياسة الأمر الواقع.
قال الدكتور احمد البيهقي:
(1) فقد روي عن الإمام احمد بن حنبل :(أن الإمامة كما تثبت بالرضي والإختيار تثبت أيضاً بالغلبة والقهر).   
(2) ففي رواية عيدوس بن مالك العطار:(ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الأخر أن يبيت ولا يراه إماماً باراً كان أو فاجراً).
(3) وفي رواية الحرث:(في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم تكون الجماعة مع من غلب).
(4) ويقول الإمام بن قدامة:من أعلام مذهب الإمام احمد بن حنبل:(لو خرج رجل على الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له وأذعنوا  بطاعته وتابعوه صار إماماً يحرم قتاله والخروج عليه لما في ذلك شق عصى المسلمين وإراقة دماهم وذهاب أموالهم)المصدر صحيفة الوفاق عدد الخميس8/1/2004م الصفحة 5.
أقول: قول الإمام احمد إثبات الإمامة بالشورى أو الغلبة، هذا باطل لأن الإمام الشرعي يبعثه الله تعالي وليس بإختيار الناس أو الغلبة والدليل علي ذلك طلب بني إسرائيل الذي ذكره الله تعالي : }أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا{البقرة الآية 246.
طلبوا تعيين الملك من الله لأنه لا يكون إلا كذلك ولما عينه لهم وإعترضوا على شخصيته قال تعالي: }إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ{ البقرة الآية247. وجاء رده تعالي على إعتراضهم: }إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ{ فلو كان أمر الخلافة بالشورى لما طالبوا بتعينه من الله واختاروا من يرضونه من بينهم. وهي سنن الذين من قبلنا وعلي منهاجها نسير قال تعالي: }يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ{النساء الآية 26.وهي الخلافة علي منهاج النبوة في حديث احمد السابق.
إن خلفاء هذه الأمة يختارون بالإصطفاء كما جاء في قوله تعالي: }ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا{ وهم المهديون من هذه الأمة.
لقد شرع هؤلاء العلماء للفتنة عندما شرعوا  للاعتراف بخلافة من اغتصب الخلافة فكانت  مصدر الفتن والصراع في العالم الإسلامي إلى يومنا هذا، وهذا شائع في الإنقلابات العسكرية والثورات المسلحة ضد المركز.
فصـل: شـورى الديمقـراطية
يري كثير من مفكري العالم الإسلامي أن الخلافة الإسلامية تقوم علي مبدأ الشورى إعتماداً على قوله تعالي: }وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ{الشورى الآية38. وإن الديمقراطية الغربية صورة محسنة للشورى في أطوارها البدائية في صدر الإسلام، ولذلك فإنهم يرتضونها منهجاً مؤصلاً لاختيار الإمام وبعث الخلافة الإسلامية علي منهاج النبوة.
أقول: إن ذلك باطل من الأساس، وأن خلافة أبى بكر وعمر وعثمان وعلي لم تك بالشورى وإن بدأت من النظرة الأولي أنها كذلك، والحق أن الخلفاء تم إختيارهم بإنباء الرسول صلي الله عليه وسلم }وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى{ فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية:فقد روى البخاري أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال لأمرأة: }أرجعي إليّ، فقالت: أرأيت إن لم أجدك كأنها تعرِّض بالموت. فقال فأتي أبا بكر{.
وقال أيضاً: }إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا بالذين من بعدى{ وأشار إلى أبى بكر وعمر) أخرجه الترمذي وأبن ماجة وصححه الألباني. وفي إشارة نبوية أخرى: }بالذين من بعدي أبى بكر وعمر{ رواه احمد وابن ماجة والترمذي البداية والنهاية لأبن كثير.
وعن خلافة عثمان بن عفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم: }يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه{ رواه ابن ماجة بإسناد صحيح والترمذي حسنه وابن حبان في صحيحه.المصدر: الفرقة الناجية المنصورة  للشيخ حافظ بن احمد حكمي.
وعندما حاصرت قوات الفتنه الخليفة عثمان وطلبوا منه الاستقالة عن الخلافة قال فيما معناه:(لم أكن لأخلع قميصاً قمصنيه الله) أو كما قال.
وخلافة الإمام علي بن أبي طالب سبق ذكرها فهي معلومة ومشهورة. وعن خلافة الحسن بن على قال صلى الله عليه وسلم: }إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ{البخاري 2505. وسيد القوم هو إمامهم وهذا شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم بإمامة الحسن وهو أخر الخلفاء على منهاج النبوة في الفترة المحددة بثلاثين عاماً كما جاء في حديث سفينة.
لقد كان إختيار هؤلاء الخلفاء إصطفاءً، وأما الشورى المذكورة في آية الشورى فمجالها في حياة الناس العامة والخاصة، وشئون الناس في هذا المجال كثيرة ولكنها تصبح ضرورة عند موت آخر خليفة راشد وهو عيسى ابن مريم.
وقد حدد رسول الله صلي الله عليه وسلم فترة الخلافة علي منهاج النبوة بثلاثين عاماً،عن سفينة أن رسول الله صلي الله عليـه وسلـم قـال:
}الخلافة بعدي ثلاثون ثم تكون ملكاً{البداية والنهاية ص9.
وإن تحديد الخلافة بالثلاثين والتي شملت الفترة من خلافة أبى بكر إلى الحسن بن على خاصة صبغتهم بصبغة الرشاد، وهذا يكفي لقتال من ناوأهم وخرج على سلطانهم حتى يفئ إلى أمر الله، ولا تعترف الأمة لمن شق عصى الطاعة عنهم كما فعل معاوية مع علي.

فصـل: تشـريع الجـهاد
إن الخروج على الإمام المغتصب للخلافة وقتاله جهاداً من أوجب واجبات الجهاد للأسباب الآتية:
(1) لينال جزاءه جزاءً وفاقا.  (2)  ليكون عظة لغيره.  (3) وفاءً بأمر الله تعالي في قوله: }وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه{الحجرات الآية9. (4) الحفاظ على إحقاق الحق ودفع الباطل قال تعـالي: }وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ{ الحج الآية 40.
إن حديث فتنة الكفر والضلال الذي رواه عمر بن الخطاب عن رسول الله صلي الله عليه وسلم تحقق في الملك العضوض والجبري في العهود التي سبقت منذ عهد معاوية بن أبى سفيان وبني أمية وبني العباس والمماليك والأتراك والإستعمار الغربي، وإستمر بعد خروج المستعمر في ملوك ورؤساء العالم الإسلامي، ثم عاد الإستعمار الغربي من جديد وأعاد إحتلال العالم الإسلامي بحجة محاربة الإرهاب، وأن الجيوش الأمريكية تحتل كل الأراضي الإسلامية في أفغانستان والعراق والسعودية ودول الخليج والسودان وفرضت وصايتها على المسلمين وطبعت مصحفاً جديداً من تنزيل وحيها وسمته (الفرقان الحق) وألغت القرآن وهذا دليل ملموس على إدعاء أمريكا للنبوة، بل هذا الدليل وحده يكفي بان تكون هي الدجال الذي تتحدث عنه السنة فيكون في ذلك دحض لحجة الذين يقولون أن الدجال لم يخرج بعد.وظهور (الفرقان الحق) كبديل للقرآن ونسخ آيات من محكم القرآن آكد دليل على إدعاء الدجال النبوة.
فصـل: فضـل السـبق
إستسلمت الأمة الإسلامية المتمثلة في ملوكها وأمرائها ورؤسائها للشروط الأمريكية في تغيير الخطاب الديني وحذف بعض آيات القرآن من مناهج المسلمين التعليمية، فأصبحت أمريكا هي خليفة المسلمين وإمامهم المطاع في مشارق الأرض ومغاربها.
أقول: هذا الحال هو أدعي الدواعي إلى ظهور مجدد يعيد للإسلام مجده بعد الخذلان والضياع، وأنا المنتدب من قبل الله للقيام بهذا الدور، وبنصر الله وما يؤيدني به من أهل هذا الزمان سيعيد الله الخلافة على منهاج النبوة، وهم ثلة الآخرين في هذه الأمة، وهم على درجتين الأولى} وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{ وهم أعظم الأمة أجراً قال الله في ثوابهم: }وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيـَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ الواقعة الآية 10-24.
فالسابقون من ثلة الأولين هم الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه في الخلافة على منهاج النبوة، والقليل من السابقين الآخرين هم من بادر إلى الإيمان بي من هذه الأمة في مقام الإحسان، وقد جاء وصف نعيم السابقين المقربين من هاتين الثلتين في قوله تعالي: }وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{الرحمن الآية 62-74.
هي درجات السابقين في الإيمان بالأنبياء والمرسلين والمهديين في كل زمان، وهم أزواج الحور العين مع النبيين والمهديين، أما الذين تباطأ بهم الإيمان بالرسول صلي الله عليه وسلم في ثلة الأولين وتلكأوا بالإيمان بي من ثلة الآخرين، هم أقل درجة في ثواب الجنان يقول تعالـي في ثوابهـم:
}وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِين{ الواقعة الآية27-40.
يزوج الله أصحاب اليمين بالنساء الصالحات في الدنيا بعد أن ينشئهن ويحسن خلقهن ويعيدهن أبكاراً، وهن غير الحور العين اللاتي لا وجود لهنَّ إلا في الآخرة.
فصـل: إنـدثار السـنة
لقد دأبت علي تحذير الناس من تكذيبي لأن أخطر ما في هذه الدعوة جانبها العقائدي، إذ ما بين أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابي من أهل هذا الزمان(الثبج الأعوج) الذين تبرأ منهم رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهم أصحاب فتنة الكفر والضلال التي يروج لها شياطين الإنس والجن ليلبسوا علي الناس دينهم .
(1)قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }سيأتي على الناس زمان لا يبقي من القرآن إلا رسمه ولا من الدين إلا إسمه يتسمون به وهم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة خراب من الهدي فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود{أخرجه الحاكم.
وقوله}لا يبقى من القرآن إلا رسمه{ لأنه لا تفيدهم تلاوته وقوله }يتسمون به{ بالإسلام }وهم أبعد الناس منه{ لأنهم الثبج الأعوج الذي (2)تبرأ منه الرسول صلي الله عليه وسلم، وصلاتهم مردودة عليهم، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: }سيأتي علي الناس زمان يصلي في المسجد منهم ألف أو زيادة لا يكون فيهم مؤمن{ رواه الديلمي.
(3)ومثله قوله صلي الله عليه وسلم: }يؤذن المؤذن ويقيم الصلاة قوم وما هم بمؤمنين{رواه الطبراني. ومرد ذلك لأن الإيمان بالله مقترن بالإيمان بخليفته والهدي بإتباع إمام كل زمان. والأمة في غفلة عن هذا.
لقد أكد معاني الأحاديث السابقة الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:
(4) }  يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلي قراءتهم بشئ ولا صلاتكم إلي صلاتهم بشئ ولا صيامكم إلي صيامهم بشئ ويقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميه { فما صلاتكم ولا حفظكم لحروف القرآن ولا صيامكم ولا حجكم أو تعمير مساجد الله وإقامة الجمعة بالتي تلحقكم بالإسلام إنما  يلحقهم بالإسلام معرفة واتباع إمام  زمنكم الذي وجاء ذكره في الأحاديث الآتية:
(5) عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في سؤاله عن الفتن}تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. فال: قلت فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟  قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتي يدركك الموت وأنت علي ذلك{ الفتن لنعيم حديث رقم 353 صحيح أخرجه البخاري ومسلم.
(6)عن حذيفة بن اليمان قال ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم دعاة علي أبواب جهنم من أطاعهم أقحموه فيها قال: قلت: }يا رسول الله فكيف النجاة منها؟ قال: تلزم الجماعة وإمام الجماعة . قال: قلت فإن لم تكن جماعة ولا إمام جماعة؟ قال: فاهرب من تلك الفرق كلها ولو يدركك الموت وانت عاض بساق شجرة{ الفتن لنعيم بن حماد حديث رقم 355 أسناده قوي.
(7) عن حذيفة بن اليمان قال: قلت يا رسول الله ما العصمة من ذلك ، وذكر دعاة الضلالة؟ فقال: }إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه إن ضرب ظهرك وأخذ مالك وإلا فاهرب في الأرض حتي يأتيك الموت وأنت عاض علي أصل شجرة{ الفتن لنعيم بن حماد حديث رقم 356 اسناده حسن. إن ما يميز إمام جماعة المسلمين في الأحاديث (5 ، 6 ، 7) ، (1) و (2) عن أئمة الضلالة في الأحاديث (1 ، 2 ، 3 ، 4) أنه يعلن للناس أنه خليفة لله فأوجب الله اتباعه بالبيعة في حديث مسلم عن رسول الله صلي الله عليه وسلم:
(8) قال: (ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميته جاهلية) أهـ.
وميته الجاهلية هي الخروج من الإسلام الواردة في الأحاديث من (1) إلي (4).
ولقد أجمل الله تلك الأحكام في قوله تعالى : ({مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (40) سورة يوسف . فالخليفة هو إمام الجماعة الذي يبعثه الله فطاعته عبادة لله بدليل قوله تعالى : ({إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} (10) سورة الفتح. ومن انصرف عن هذا الخليفة واتبع غيره من امراء الجماعات الأخرى اتخذهم ارباباً من دون الله قال عز وجل ({اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} (31) سورة التوبة . وهو معنى قوله ( ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وهو المعنى الاجمالي للقرآن كله (ان الحكم الا لله) فلا حكم الا من حكم بتفويض مباشر من الله قال (ذلك الدين القيم)
تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (اتخذوا احبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) وكان عدي بن حاتم نصرانياً فاسلم قال ما عبدناهم يا رسول الله ! قال صلى الله عليه وسلم أولم يحلوا لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فأطعتموهم قال بلى تلك عبادتكم أياهم)  رواه احمد والترمذي وصححه الألباني .
واذكركم في هذا المقام بقوله عز وجل (وقالوا ربنا ان اطعنا ساداتنا وكبراءنا فاضلونا السبيلا) الاحزاب 67 . واذكركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم (لتاخذن هذه الأمة مأخذ الأمم قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع قالوا يا رسول الله فارس والروم ؟ قال أومن الناس إلا أولئك) أخرجه البخاري .
اقول : أنا لم أئتكم بشرع جديد فقط أذكركم بما تحفظون عندكم من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأقيم به الحجة عليكم بنص قوله عز وجل (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك هو الحق ويهدي الى سراط العزيز الحميد) سبأ الاية6 .  
فصـل: خـروج الـدجال
يظن كثير من الناس أن رفع العلم يكون بعد موت المسيح المهدي وذلك باطل، والحق أن ذلك كان في الفترة ما بين الخلافة التي كانت على منهاج النبوة المقدرة بثلاثين عاماً كما سبق في حديث سفينة وبين تجديد الدين وأحياء سنة الرسول صلي الله عليه وسلم بعد اندثارها على يد المسيح المهدي، وحددت السنة مدة هذه الفترة بأكثر من عشرة قرون، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: }سيخرج ناس من أمتي من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج منهم قرن قطع، حتى عدّ زيادة على عشر مرات كلما خرج منهم قرن قطع، حتى يخرج فيهم الدجال{ رواه احمد.
لقد تعاقبت القرون ووصل عددها إلى أكثر من عشرة قرون بل إلى خمسة عشر قرناً فخرج الدجال من غضبة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م. روي مسلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قـال عن الدجال: }إنما يخرج من غضبة يغضبها{.
لقد خرجت أمريكا بعد تدمير برجي التجارة في نيويورك وجانب من مبني وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن غاضبة على المسلمين الذين إتهمتهم بذلك الفعل، فأعلنت الحرب الصليبية على المسلمين على لسان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وقضت على دولة طالبان السنية فلجأ زعماء طالبان والقاعدة إلى الإحتماء بكهوف الجبال في تورا بورا وغيرها من الجبال.
عن أم شريك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: }ليفرن الناس من الدجال حتى يلحقوا برؤوس الجبال. قلت يا رسول الله: أين العرب يومئذ. قال: هم قليل{ صحيح مسلم.
أقول: لقد تجسدت أحاديث النبوة إلى واقع حياتي تطبيقي على الأرض لا يمكن إنكاره، وهذا هو البرهان القاطع على وجود المسيح المهدي بين ظهراني الناس لتلازم ظهور المسيحين.
فصـل: مـكان ظـهور القـائم
يعتقد الشيعة أن قائم أهل البيت هو محمد بن الحسن العسكري وأنهم ينتظرون مكان ظهوره في سامراء بالعراق وهذا القول مردود بالأتي:
(1) يزعم الشيعة أنه ولد عام 255هـ وهذا عام 1425هـ فإنه لا يصلح لإمامة الأمة لأنه يكون قد بلغ أرذل العمر لقوله تعالي }وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ{ يس الآية 68.
والسؤال موجه إلى الشيعة أفلا يعقلون إستحالة بقائه في هذا الزمن المتطاول.
(2) يزعم الشيعة أنه قطع منه الأكل والشراب مع بقائه بجسده وروحه وهذا باطل أيضاً بنص القرآن قـال تعالي: }وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ{ الأنبياء الآية 8.
(3) الحجة التي يتذرع بها الشيعة في إختفائه هي التقية خوفاً من أعدائه الذين يتربصون به، والآن يوجد جيش بإسمه سيحميه من أعدائه ويزود عنه، هو جيش المهدي بقيادة مقتدي الصدر، فقد انتفي سبب إختفائه، فلو كان موجوداً لظهر ليقود جيشه بنفسه. بل هناك دولة إيران الشيعية على أتم الإستعداد لدفع القيادة إليه، وعلى ضوء ذلك فإن القائم ليس محمد بن الحسن العسكري وليس مكان ظهوره العراق، وأستشهد في ذلك بما إستشهد به الشيعة أنفسهم لتكون الحجة أقوى.
جاء في كتاب (إسعاف الراغبين) بالهامش ص 131. قال محي الدين في الفتوحات:(قد إستوزر الله تعالي للمهدي طائفة خبأهم الله تعالي له في مكنون غيبه أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق، وعلى ما هو أمر الله في عباده، فلا يصل إلى المهدي شيئاً إلا بمشاورتهم، وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي ولكن لا يتكلمون إلا العربية ولهم حافظ من جنسهم) المصدر كتاب (المهدي الموعود المنتظر عند علماء السنة والإمامية)ص187. للشيخ نجم الدين جعفر بن محمد العسكري.
أقول: إن الأعاجم الذين لا يتكلمون إلا العربية هم قبائل السودان السياسي، وقد أثار إندثار الأعجمية لصالح اللغة العربية موجةً من السخط وسط المثقفين منهم، ولكن هذا السخط سيتحول إلى رضا وقبول عندما يعلمون أن الله خصهم بفضل مناصرة قائم أهل البيت المسيح المهدي، وأن لهم من الفضل والشرف ما يرقي إلى درجة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، أنصار النبي الخاتم، ولما فاتهم مناصرة النبي صلي الله عليه وسلم عوضهم بمناصرة المهدي الخاتم وذكر فضلهم، فقال مقارناً فضلهم بفضل الصحابة: }ليدركن المسيح أقواماً من هذه الأمة إنهم لمثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات{أخرجه الحاكم.
فنعم البشارة ونعم الهناء وإن الأحداث الدائرة الآن في دارفور هي آكد العلامات على ظهور هذا الأمر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة: }والذي بعثني بالحق، إن منهما لمهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك من يفتح به حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، يهدمها هدما،ً ويقوم بالدين آخر الزمان كما قمت به أول الزمان، يملأ الدنيا عدلاً كما ملئت جوراً{ أخرجه الطبراني في الأوسط. معاني هذا الحديث شملتها الأحاديث الصحيحة فيحكم بصحة لفظه ولا يضر ضعف سنده.
(1) قوله }إن منهما(الحسن والحسين)  لمهدي هذه الأمة{:عن أم سلمـة قالت: سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلـم يقول : }المهدي من عترتي من ولد فاطمة{ ذكره عبد العليم عبد العظيم البستوى في الأحاديث الصحيحة برقم8.
(2) وقوله }وأغار بعضهم على بعض{ يعني عند كثرة الفتن:عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: }يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئاً لا احفظه فقال: فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه ولو حبواً علـى الثلج فإنـه خليفـة الله المهـدي{ ذكره عبد العليم البستوى في الصحيح برقم 7.
(3) قوله}آخر الزمان{: عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: }لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً{ ذكره عبد العليم البستوى في الأحاديث الصحيحة في المهدي برقم 20.
أقول: وكونه في آخر الزمان دليل على أنه المسيح عيسى ابن مريم لأنه آخر المهديين بلا خلاف.
قوله }تظاهرت الفتن{ ساعد بعضها بعضاً، كما حدث أن الجنوبيين ساعدوا فتنة دارفور بالسلاح والتدريب والأرض. وقوله}وتقطعت السبل{وذلك مشهور بالنهب المسلـح في دارفور. وقوله }وأغار بعضهم على بعض{ لأن القبائل المتحاربة في دار فور تربطها روابط الدين والنسب والأرض.
إن فتنة دار فور هي المؤشر المباشر على ظهور قائم أهل البيت من السودان وأغلب أنصاره هم أعاجم أهل السودان الذين لا يتكلمون إلا العربية.
إن المخرج من فتنة دار فور لا يكون إلا على يدي بنص الحديث، فلو صدقت القوي الوطنية في جدية الحل ما عليها إلا إفساح منابرها الإعلامية لهذه الدعوة.

الخـاتمة
لقد عمت الفتن الأرض وتمركزت في بلاد المسلمين خاصة، وسعي المسلمون إلى السلام بكل ثمن، في معاهدات أوسلو وكامب ديفيد ونيفاشا. ودمرت العراق أسلحتها لأجل السلام، وكل ذلك لم يجد ولن يجدي، فما زالت الحرب تستعر في العراق وفلسطين والسودان، وليعلم المسلمون كافة أنهم لن يحصلوا علي سلام في الأرض بدون إتباعي مهما قدموا من ثمن للسلام، وإن بحثهم عن السلام بتجاهل دعوتي إنما هو في ذاته كفر بما أنزل الله على رسوله الذي قال: (ستكون بعدي فتن منها فتنة الأحلاس يكون فيها حرب وهرب، ثم بعدها فتن أشد منها ثم تكون فتنة كلما قيل إنقطعت تمادت حتى لا يبقي بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته حتى يخرج رجل من عترتي{ الفتن لنعيم بن حماد برقم 94. هذا شاهد قول رسول الله صلي الله عليه وسلم وشاهد الله تعالي، قال ابن كثير في تفسيره للآية الرابعة من سورة محمد قال: وقوله عزّ وجلّ (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)
قال مجاهد: حتى ينزل عيسى ابن مريم
 فهل ستستيقظ الأمة من غفلتها أم على قلوبهم أغفالها ؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق