الأربعاء، 1 يونيو 2016

الميلاد الثاني للمسيح عيسى بن مريم

الإختلاف حول الحق :-
     قال تعالى : ) كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات  بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه  والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ( البقرة213
     هذه الآية رسمت طريق الدعاة من النبيين ومن بعدهم المهديين وسلوك الناس معهم إلى يوم الدين فقد فطر الناس على تكذيب الحق أينما وجد وكيفما جاء بغيا من الناس وتطاولا على الحق بعد ما  جاءهم الحق بينا على هيئة حقائق علمية تنص عليها آيات التنزيل ـ بينات من الهدى والفرقان ــ أو معجزات عملية  بخرق قانون الطبيعة ــ كناقة صالح وعصا موسى عليهما السلام وآخر الآية يخاطب هذه الأمة بدلالة قوله ( الذين اوتوه) مما يؤكد أن المقصود في المختلف فيه هو مهدي هذه الأمة المنتظر لان الضمير في (اوتوه)  يعود للقران واسم الموصول (الذين) يعني المسلمين فالآية تقضي بان الحق مع الذين صدقوه وان الذين خالفوه اتبعوا الباطل لان المهدي يقيم حجته على الناس بميزان الشرع ــ الكتاب والسنة فالمهدي مبعوث من عند الله ( هو الذي  أرسل رسوله بالهدى  ودين الحق ) أي  بالإسلام ليهلك الله كل الأديان الأخرى.( ليظهره على الدين كله).
الحق والميزان :-
     الحق هو القرآن المنزل على رسول الله وما صح من سنته صلى الله عليه وسلم قال تعالى ) وانزل معهم الكتاب بالحق( البقرة213.
(والميزان ) هو لغة التنزيل التي يعرف بها مقاصد التشريع قال تعالى : ) وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ( إبراهيم 4
     لقد جمع الله التشريع كله في القرآن وتكفل ببيانه للناس قال تعالى :  ) لا تحرك به لسانك لتعجل به إن  علينا جمعه وقرانه فإذا قراناه فاتبع قرانه ثم إن علينا بيانه  (القيامة 16ـ19
        قوله ( إن علينا بيانه ) دال على أن القرآن يشرح بعضه بعضا أي أن ما أجمل معناه في آية وعز على الناس معرفة حكمها يوجد تفصيل مقاصدها في سائر القرآن لأنه صادر من مشكاة واحدة فلا يخالف بعضه بعضا لقوله تعالى ) أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا( النساء 82
     فآية النساء هذه ترسم القاعدة لفهم القرآن فان فهم أي آية منه لابد أن ينسجم مع فهم آيات القرآن جميعا دون أي تعارض في الحكم  وعليه فلا يمكن فهم أي آية منه استقلالا لذا حث على مراجعة القران  لفهم أي آية منه بقوله تعالى ) أفلا يتدبرون القران ( فأيَّ فهم لأية يتعارض مع آية أخرى يرد ذلك الفهم ويعاد النظر فيه فالمعنى الصحيح لكل  آية هو ما يتوافق فيه القران جميعا وميزان فهم القران اللغة العربية التي نزل بها يدل على ذلك قوله تعالى ) وكذلك أنزلناه حكما عربيا ( الرعد 37 .
المقصود بالحكم العربي ــ معرفة أحكام الدين من صياغ لغة التنزيل وليس أحكامهم العرفية فتلك قال عنها تعالى: )أفحكم  الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون( المائدة50
 وهذا يؤكده قوله تعالى ) إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون( يوسف2
           أي أن القرآن لا يعقل وتفهم مقاصد تشريعه إلا باللغة العربية فهي المرجع الأول والأخير لفهم الدين كما أن القرآن والسنة الصحيحة هما  المرجع الأول والأخير للتشريع وان القرآن هو الضابط الحق لصحة الحديث قال به الدكتور عداب محمود الحمش . قال : ( إن في الدين الإسلامي مرجعية ثابتة صادقة لا يختلف عليها اثنان من المسلمين وهي القران الكريم فلا يجوز أن يتقاطع حديث مروي مع نص قراني لان تقاطعه يعني عدم صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم بصفته اعلم عباد الله المكلفين بكتاب الله سبحانه وتعالى وهو المسئول الأول عن فهمه وتبليغه) . المصدر: المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية للدكتور عداب محمود الحمش ص254 .وصدق الدكتور عداب لقوله تعالى ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم(النحل44                                                                                   
     ومرجعية الفهم في ذلك إلى لغة العرب التي تبين مقاصد تشريع الكتاب والسنة . )أنزلناه حكما عربيا لعلكم تعقلون ( يوسف 2.و)بلسان عربي مبين( الشعراء 195
الإختلاف في حقيقة المهدية بين النفي والإثبات :-
     اختلف العلماء في حقيقة المهدية ومرد ذلك لاختلافهم في الأحاديث الواردة في المهدي ومدى صحة أسانيدها وعزز الدكتور عداب محمود الحمش في دراسته النقدية للأحاديث الواردة في المهدي في مؤلفه ( المهدي المنتظر ــ في روايات أهل السنة والشيعة الأمامية ــ دراسة حديثية نقدية ) قال : ( 531 ــ 533)
     تبين لنا من وراء هذه الدراسة أن كثره كاثرة من أبناء امة الإسلام تنتظر المهدي منذ ألف  ومائة عام وقد كتب في التعريف بشخصه ومقدمات ظهوره أكثر من سبعمائة وخمسين كتابا انفق على كتابتها ونشرها الكثير من وقت الأمة وجهود علمائها وأموالها .... وقد يطول انتظارها ألف سنة حتى يظهر المهدي وقد لا يظهر) .
      (إن مقولة : } ما ورد في المهدي صريحا فغير صحيح وما صح مما ورد
فغير صريح { ، مقوله صحيحة حسب معطيات دراستنا النقدية هذه ) .
     ( .... الروايات التي تنص على اسم المهدي واسم أبيه وانه من ولد فاطمة ، حسن أو حسين ،كلها واهية أو منكرة أو ضعيفة ولم تصح منها أي رواية ) .
 (  ..... كل الذي يجوز اعتقاده ولا أقول يجب مما يقرب من مسألة المهدي المنتظر : أن هذه الأمة  التي اختارها الله سبحانه وتعالى لحمل رسالة الإسلام الخالدة قد بعدت عن دينها كثيرا نتيجة سياسات الجهل والتجهيل والصراع السياسي والفكري والمذهبي ولكنها سوف تعود عودا حميدا وسوف تلتزم شرع الله تعالى) .
     هذا الالتزام هو الذي سيفرز ــ بتوفيق الله تعالى وعونه  ــ  قائدا عظيما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يعيد لهذا الدين بشاشته ويعيد للمسلمين كرامتهم فيرضى عنه الله تعالى ويرضى عن هذه الأمة المرحومة ويفيض عليها من بركات السماء ويخرج لها من بركات الأرض ويؤيدها بتسديده ونصره .
     وليس هذا قصوراً على مرحلة زمنية محددة بل هو مطلق عن الزمان والمكان وارتباطه إنما يكون بالمنهج الإسلامي الصحيح فحسب . اهـ
نخلص من دراسة الدكتور عداب إلى هذه الحقيقة الهامة وهي:
     أن المهدي المنتظر ليس ذلك الذي تنتظره الشيعة الأمامية وهو أيضا  ليس الذي ينتظره السنة فكل هؤلاء وأولئك ينتظرون مهديا غير عيسى ابن مريم وهذا ما لم تصح فيه الأحاديث التي تناولها  بحث  الدكتور عداب ونقده . ثم عاد في ختام حديثه ليؤكد خروج رجل من آل البيت تنطبق عليه صفات المهدي وهذا يفضي إلى حقيقة واحدة وهي : أن هذا المهدي ألبيتي إنما هو عيسى ابن مريم وان هذه الحقيقة لا تدور بخلد احد من الشيعة أو السنة بل حتى الدكتور عداب نفسه ولكنها حقيقة أجراها الله اللطيف الخبير على لسان الدكتور وآخرين سنعرض إليهم  لاحقا ــ من حيث لم يحتسبوا . ويدل على ذلك اختلافهم في شخصية المهدي لمن ثبت عندهم حقيقة المهدية.
واختلفوا في تحديد شخصيته من بين كثرة المدعين واقصد بذلك المهدي المعلوم لكل الملل والأمم . وهو واحد من اثني عشر مهديا أو أكثر فقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش )) ـ بل لا يخلو زمن من مهدي لان الأرض لا تخلو من حجة لله وكل حجة هو مهدي زمانه فويح للأمة التي لم تعترف بهم وما أكثرهم . 
الإختلاف في شخصية المهدي :-
     قال الدكتور عبد العظيم البستوي في  مؤلفه ( المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة ) قال ص51 
     (( ومنهم الإمام ابن قيم الجوزية ( توفي 751هـ) وقد قال في كتابه (( إغاثة اللهفان عن مصائد الشيطان )) (2/335) والأمم الثلاث تنتظر منتظرا يخرج في آخر الزمان فإنهم وعدوا به في كل ملة ، والمسلمون ينتظرون نزول عيسى بن مريم من السماء لكسر الصليب وقتل الخنزير وقتل أعدائه من اليهود وعباده من النصارى .
     وينتظرون خروج  المهدي من أهل بيت النبوة يملأ الأرض عدلا كما ملئت  جورا ،، . اهـ
 وقال الدكتور البستوي بنفس المصدر تحت عنوان : (( المنكرون لفكرة المهدية أو المترددون فيها)) ص31 الفقرة 4 (( قال ابن حبان في صحيحه : ذكر الأخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى . وقال البستوي :
     ((وابن حبان وان لم يذكر لنا اسم صاحبه إلا انه  يشير أن هناك من يرى أن المراد من المهدي هو عيسى وليس هناك مهدي غيره )).ص31
 التعــليق :
     لقد سبق أن قال الدكتور عداب أن الأحاديث عن اسم المهدي واسم أبيه لم تصح وعليه تبطل حجة ابن حبان وقوله: (( وليس هناك مهدي غيره )) دليل أن المهدي المنتظر إنما هو المسيح ولما كان المهدي من أهل البيت بلا خلاف فمن هذه الأدلة انه عيسى ا بن مريم وليس غيره ، فهو المهدي البيتي بحكم أقوال علماء السلف من حيث يدرون أولا يدرون وهذا الحكم يؤيده الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان ) .
     هذا الشرط الجازم الذي يقيد الإمامة في قريش عبر تاريخ امة الإسلام لم يدع مجالا لعيسى بن مريم أن يكون من غير قريش لأنه يبعث إماما لهذه الأمة بالحديث الصحيح الذي رواه الإمام احمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماما مهديا وحكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها )) . مسند احمد (2/411)
        وكون عيسى ا بن مريم فتى من قريش شي غريب على مسامع الأمة ولكنه من أصل التشريع الإسلامي وستزول الغربة متى ما عادت الأمة إلى منهج التشريع .
عيسى ابن مريم فتى من مضر :-
     قال الدكتور محمد احمد إسماعيل المقدم في مؤلفه ((المهدي وفقه اشراط الساعة ))  قال : ((  المسيح ــ عليه السلام ــ نبي وصحابي )) وقال :  (( ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ــ اجتمع بعيسى عليه السلام ــ ليلة الإسراء وهو اجتماع حقيقي لان الإسراء كان بالجسد والروح كما هو مذهب  طوائف الفقهاء والمتكلمين والمفسرين والمحدثين قال الحافظ في الفتح : (( وتواترت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة فلا يبقى العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل ))
وقال : (( وعلى هذا يكون عيسى ــ عليه السلام ــ صحابيا   لانطباق تعريف الصحابي عليه ولذلك ذكره الذهبي في الصحابة فقال في (( التجريد )) : (( عيسى ابن مريم نبي وصحابي فانه رأى النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم فهو آخر الصحابة  موتا )) .
(( ولذلك قال الحافظ العراقي  في ((نكته))  على ابن الصلاح والحافظ ابن حجر في ( الإصابة ) والحافظ السيوطي في (( التهذيب )) وفي (( الإعلام بحكم عيسى ـ عليه السلام ـ ) والغز فيه التاج ابن السبكي بقوله:
من باتفاق جميع الخلق أفضل من    خير الصحــــــــــــابة أبي بكر ومن عمر على ومن عثمـــــــــــــــــــان وهو  فتى من امة المصطفى المختار من مضر
أقول: هذا يفسر لنا قول ابن سيرين كما رواه الدكتور المقدم في نفس المصدر ص572 : قال ا بن حجر رحمه الله (( ما جاء عن أبي سيرين أن المهدي خير من أبي بكر وعمر، وقد كاد يفضل على بعض الأنبياء )) اهـ 
          قال العلامة أبو عبدا لله محمد الطالب بن الحاج في حاشيته على شرح المرشد المعين وجوابه  :
وذاك ابن مريم روح الله حيث رأى        نبينا المصطفى في أحسن الصور
فوق السماوات ليلا عندما اجتمعــا            كذاك عند ظراب البيت والحجر                                        المصدرص58ـ59 الدكتور المقدم( المهدي وفقه اشراط الساعة) .
 أقــول :
     يفهم من هذه النصوص إعتقاد العلماء  ان عيسى ابن مريم كان بجسده الآدمي عندما التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم في السماوات ونزل إلى الأرض بجسده وروحه في مكة وهو ظاهر قوله (( كذاك عند ظراب البيت والحجر)) .
الشرح:
     أورد الدكتور محمد احمد إسماعيل المقدم في نفس المصدر( المهدي وفقه اشراط الساعة ) ص337 قال : قال العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي :
 (الذي يظهر لي رجحانه بالدليل من هذه المسالة أن الخضر ليس بحي بل توفى وذلك لعدة أدلة :
     الأول:الظاهر عموم قوله تعالى )وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون ( الأنبياء 34  فقوله : ( لبشر ) نكرة في سياق النفي فهي تعم كل بشر فيلزم من ذلك نفي الخلد عن كل بشر من قبله والخضر بشر من قبله   فلو كان شرب من عين الحياة وصار حيا خالدا إلى يوم القيامة لكان الله قد جعل لذلك البشر الذي هو الخضر من قبله الخلد .   الثالث:  إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه على رأس مائة سنة من الليلة التي تكلم فيها بالحديث لم يبق على وجه الأرض احد ممن هو عليها تلك الليلة فلو كان الخضر حيا في الأرض لما تأخر بعد المائة المذكورة .
     روى مسلم بسنده إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : (( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال : (( أرأيتكم ليلتكم هذه فان على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهرها احد ، قال ابن عمر فوهل الناس في مقاله رسول الله صلى عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن (( مائة سنة )) وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض احد )) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.
     وروى مسلم  في (( صحيحه ))  بسنده إلى ابن جريج قال اخبرني  أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : (( سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر (( تسألوني عن الساعة وإنما علمها على الله واقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ ))
     وروى بسنده عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله صلى الله  عليه وسلم: ((ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة))  فقال سالم تذاكرنا ذلك عنده إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ .
     فهذا الحديث الصحيح الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم  ابن عمر وجابر وأبو سعيد فيه تصريح النبي صلى الله عليه وسلم ( بأنه لا تبقى نفس منفوسة حية على وجه الأرض بعد مائة سنة فقوله ( نفس منفوسة) ونحوها من الألفاظ في روايات الحديث نكرة في سياق النفي فهي تعم كل نفس مخلوقة على الأرض ولا شك أن ذلك العموم بمقتضى اللفظ يشمل الخضر لأنه نفس منفوسة على الأرض )
     وروى البخاري في (صحيحه )  بسنده عن عبد الله  بن عمر قال: قال: صلى النبي صلى الله  عليه وسلم  صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ارايتكم ليلتكم هذه فان على راس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض احد )) . فوهل الناس من مقاله رسول الله صلى عليه وسلم إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن ( مائة سنة) وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض ) ويريد بذلك أنها تخرم   ذلك القرن ) . اهـ
الدكتور المقدم ــ المهدي وفقه اشراط الساعة 337 ـ 341
 أقــول:
     ولما كان عيسى ابن مريم نفسا منفوسة ساعة قول النبي صلى الله عليه وسلم فان المائة سنة الأولى قضت عليه كما قضت على الصحابة رضوان الله عليهم.
     وقد سبق(( لانطباق تعريف الصحابي عليه )) وقول الذهبي ( فهو آخر الصحابة موتا ) ما دام على الأرض لتقييد الحديث الزمان (( مائة سنة )) والمكان (( بالأرض)) . أما إذا اختلف المكان سواء كان عند الله كما في قوله تعالى : ) بل رفعه الله إليه ( النساء158 أوفي ((السماء))عندما التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ــ وذاك مشهور وفي ((بيت المقدس )) عندما صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم مع جملة النبيين أو في مكة (( في ظراب البيت والحجر )) فان القرآن قد قضى على بشريته في قوله تعالى ) وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد( الأنبياء 34 لان القران نزل من عند الله مرورا بالسماء ونزولا إلى الأرض على قلب رسول الله فان آية الأنبياء تقضى على عيسى بصفته كان(بشرا) قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ  هذه هي عقيدة الإسلام في الحكم على عيسى المسيح في عقيدة السلف ــ وميزان الشرع وذلك هو الدين القيم ) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ( آل عمران85. فعيسى ابن مريم غير موجود( كبشر) كحد أقصى بعد (مائة سنة ) من تاريخ الحديث ولكنه حتما سيعود بمقتضى التشريع في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الدالة على عودته ونزوله وقوله تعالى ) وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ) آل عمران 55 هذه الآية حجة على القرآنيين في عودة المسيح والمعنى الظاهري لهذه الآية هو إتباع عيسى المسيح دونما انقطاع إلى يوم القيامة دل عليه سياق الآية فإتباعه متصل إلى يوم القيامة ولكن المطلوب الاجتهاد في معرفة بداية الإتباع.
     فإذا كان قصد الآية أن بداية إتباع عيسى تحسب من زمن بعثته بالإنجيل فان هذه الآية تعتبر ناسخة للقران بدليل القرآن نفسه ومبقية على تشريع الإنجيل ويكون المتبعون لعيسى  هم النصارى ولما كان هذا مردود بالقرآن نفسه  في قوله تعالى ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ( التوبة 33 أي أن دين الحق الذي يظهر على الدين كله هو الإسلام وبمحصلة معنى الآيتين وجريا على قاعدة أن القران لا يعارض بعضه بعضاً بل يفسر بعضه بعضا يكون المعنى المستفاد من الآيتين هو عودة عيسى على دين الإسلام ويظهر به على جميع الشرائع والأديان وليس في إمامة مهدي غيره . وان قوله تعالى (( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة )) هو الذي يؤكد أن الرسول المهدي الذي ينصر الله به الإسلام على الملل كلها في قوله تعالى ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله( إنما هو عيسى ابن مريم ولا أحد غيره  .
ولما سبق أن قضى حديث (( مائة سنة )) وآية (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد )) على خلقه الأول فانه لا محالة مولود ثانية في هذه الأمة وفي آل البيت بشواهد شرعية كثيرة.
نسب المهدي البيتي للمسيح :-
ورد ميلاد المسيح عيسى ابن مريم ونسبه الفاطمي في القران والأحاديث ولكن في لحن القول والتلميح دون تصريح والحكمة في ذلك واضحة وجليه لعلم الله المسبق أن يكون هناك من يدعي العيسوية من هذه الأمة وما أكثرهم فكانت حجة العلماء على هؤلاء المدعين أن عيسى ابن مريم ينزل من السماء بكامل بشريته ونحن نعرف آباءكم وأمهاتكم فتلجمهم الحجة وتبطل دعاواهم وأما عندما يجيئ عيسى ابن مريم الحق ويولد في هذه الأمة يستنطق هذه النصوص ليقيم بها الحجة على صدق دعوته  ولذلك لقب هذا المهدي المسيح بـ((الإمام الحجة )) ورد اسمه ونسبه وميلاده في التلميح ولحن القول من دون تصريح قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم (( لا اقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد)) البلد 1ـ3 .
ولا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم (( ووالد وما ولد)) إلا أن يلد عيسى ابن مريم في آخر الزمان  رجل من ذريته ولما كان عيسى ليس بضعة من احد و ليس له أب على التحقيق جاء نسبه إلى زوج والدة عيسى التي تلده  من هذه الأمة بقوله (( ووالد وما ولد))وهو ((أبو القاسم موسى)) وجاءت السنة لتؤكد هذا المعنى فقد روى أبو داود حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتنة السراء قال:  (( دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم انه مني وليس مني )) والذي يزعم ذلك هو ((سليمان أبو القاسم موسى )) فهو المقصود بهذا الحديث  __ و هي فتنة سراء لأنها ستقود إلى خروج المهدي . لقد ثبت النبي صلى الله عليه وسلم نسب هذا الرجل (( وهو المهدي)) إليه بقوله (( رجل من أهل بيتي )) ثم عاد لينفي على لسان ذلك الرجل هذا النسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (( يزعم انه مني وليس مني )) ولما تطابق معنى الحديث مع معنى  الآية دل ذلك علي أن المقصود واحد ولا ينطبق وصف هذا النسب على احد من المهديين إلا على عيسى ابن مريم لأنه ليس بضعة من احد البتة لقوله تعالى   ) ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين ( آل عمران59_60 وتلده امرأة من آل فاطمة متزوجة برجل فاطمي دل عليه لحن القول في قوله تعالى ) فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين( آل عمران61
     والثابت من السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناظر من جادله في شان عيسى ابن مريم بنفسه وابنته فاطمة وابنيها الحسن والحسين وفي ذلك تلميح على ميلاده فيهم فلا فضل لبني إسرائيل بميلاد عيسى الأول فانه سيكون له ميلاد ثانٍ في هذه الأمة فى ذريته صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى ) ثم إن علينا بيانه ( القيامة 19 فبيان (( ووالد وما ولد )) يكون بميلاد عيسى من آل البيت والبرهان (( فمن حاجك فيه ـ )) ولا ينطبق إلا على (( سليمان أبو القاسم )) فهو الذي نص عليه الحديث (( يزعم انه مني وليس مني )) .
الميلاد الثاني للمسيح :-
     أشار القران إلى ميلاد المسيح الثاني في قوله تعالى (( ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين)) آل عمران 46   
    لقد كلم الناس في المهد برسالته ونبوته نص عليه قوله تعالى )فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ( مريم29_30
وكلامه حتى رفع لم يختلف عن الجانب التطبيقي العلمي لكلامه في المهد وهو نشر دعوته وتبليغ رسالة الإنجيل ورفع دون سن الكهولة والآية تشير إلى كلام في الكهولة مغاير لمضمون كلامه في المهد وهو لاشك يبعث مهديا في هذه الأمة بدين الإسلام مجددا لمنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم  الذي اعتراه الضباب بسبب الفهم الخاطئ لآيات القران وفقه الحديث وبَليَ نتيجة لتكاسل الناس عن القيام بتكاليف الدين لعدم مراعاة الحكام حرمات الدين أو التزامهم بشرع الإسلام وإلزام الرعية فألقى الحبل على القارب فكل يعمل على شاكلته لغياب الرقيب الذي يحمل الأمة على جادة الطريق عند ذلك يكلم عيسى ابن مريم الناس كهلا إماما مهديا ولا يكون من تاريخ ميلاده الأول الذي قضت عليه آية  الأنبياء (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد )) أو حديث (( مائة سنة )) فتقتضي الكهولة في هذه الأمة ميلادا جديدا في هذه الأمة ويعاضد هذا المعني قول السبكى السابق : (( وهو فتى من امة المصطفى المختار من مضر)) .
     والفتوة طور من عمر الإنسان يمر به قبل الكهولة والكهولة قبل الشيخوخة التي تنتهي بأرذل العمر الذي سيصل إليه عيسى ابن مريم حتما لو بقي على ميلاده الأول الذي مضى عليه ألفان وخمسة أعوام فان ذلك الميلاد لا يرجع القهقرى ليعيد عيسى ابن مريم إلى الفتوة أو الكهولة وإنما يتقدم ليصل بعيسى إلى أرذل العمر لقوله تعالى ) ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ( يس 68
أفلا تعقلون يا امة الإسلام ؟ لو بقى عيسى على ميلاده الأول لعاد في أرذل العمر  لا يعلم بعد علم شيئا فلا تصح له إمامة في هذه الأمة .
اسم المسيح في هذه الأمة :-
     سبق أن ضعف الدكتور عداب كل الأحاديث التي ترمز إلى اسم المهدي وان ذلك يجعلني في حل من التقيد باسم مخصوص مثل (( اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي )) ولكن الذي يمكن أن يستفاد فيه هو اعتماد الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الرمز والتلميح من دون التصريح بالسير على منهج القران ) ولو نشاء لاريناكهم فلتعرفنهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ( محمد30.
وقد استخدم القران هذا الأسلوب في التلميح باسم عيسى ابن مريم في قوله تعالى على لسان عيسى قال:  
) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا ( مريم 33.
قوله(( السلام على يوم ولدت )) فيه تلميح ظاهر إلى اسم (( سليمان)) لاشتقاق هذا الاسم من (السلام ) الوارد في الآية وعليه يكون( سليمان) إن لم يكن اسم ذات للمسيح فانه اسم صفه له لا محالة قضى بذاك سياق الآية , هذا مع العلم أن اختلاف الاسم (سليمان) عن الاسم (عيسى ) لا يثير جدلا فقهيا فالذات الواحدة لا تتغير تبعا لما يضاف إليها  من أسماء وألقاب في مستقبل أيامها . والحديث عن المسيح المهدي يثير التساؤل عن المسيح الدجال الذي يعتبر عند جمهور العلماء كمقدمة لابد من ظهوره قبل عيسى ابن مريم.
1/المسيح الدجـال :-
     اختلفت الأمة كثيرا في تحديد شخصية الدجال على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما اختلف فيه الصحابة من بعده وجاء المتأخرون ليضيفوا بعدا آخر فاختلفوا  في حقيقة وجود الدجال نفسه وحصيلة ذلك أن يصنف الدجال في باب ( المتشابهات ) التي يتعذر الحكم فيها برأي فيصل حملا على قوله تعالى ) هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات  هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ( آل عمران7 وقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة بتشابه أمر الدجال والتباس شخصيته على الأمة . عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من سمع بالدجال فلينأ منه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب إنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات )) صحيح رواه أبو داود واحمد
     ولكن مع ذلك التشابه توجد حقائق تعايشها الأمة اليوم يمكن أن تكون مفتاحا لمعرفة الدجال حتى على مستوى الفهم العام لحقيقة الدجال إذا تعذر فهم شخصيته كما التبس أمر ابن صياد على الصحابة .
     عن نافع قال : (( لقي ابن عمر ابن صياد في بعض طرق المدينة فقال له قولا أغضبه فانتفخ حتى ملا  السكة فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها فقالت له ما أردت من ابن صياد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:    (( إنما يخرج من غضبة يغضبها )) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2932).
لقد خرجت الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة  في أعقاب 11 سبتمبر على تنظيم القاعدة وهاجمت دولة أفغانستان وفر زعيم القاعدة أسامة بن لادن وجماعته أمثال ايمن الظواهري وزعيم أفغانستان الملّا محمد عمر إلى الجبال. وإحتماء المسلمين بالجبال دليل على أن الولايات المتحدة هي الدجال.
عن أم شريك رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى  الله عليه وعلى اله وسلم يقول (( ليفرن الناس من الدجال إلى قمم الجبال )) رواه احمد ومسلم . والدجال يحمل معه مثل الجنة والنار عن شيبان بن عبد الرحمن عن يحي بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبيا قومه انه اعور وانه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول أنها الجنة هي النار واني أنذرتكم به كما انذر به نوح قومه )) رواه البخاري 3338 ومسلم 2936 .
     فالنار هي الأسلحة الأمريكية التي تصلى بها المسلمين ونذيقهم ويلاتها في كل مكان في الأرض .
     أما مثل الجنة فهي الإغاثات التي تبعث بها إلى الذين شردتهم الولايات المتحدة بسبب الحر وبات التي افتعلتها فقتلت بعضهم بأسلحتها وشردت البعض الآخر لتتقرب إليهم بأسلوب خبيث في الإغاثات التي حولت الأسر الكريمة إلى متسولين وهذا الحال جاء وصفه في حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( يأتي على الناس زمان يتمنون فيه الدجال قلت يا رسول الله بابي وأمي مم ذاك ؟ قال لما يلقون من العناء)) رواه البزار والطبراني.
     لقد بسطت الولايات المتحدة الأمريكية على الكرة الأرضية قواعدها الحربية وأساطيلها البحرية فملأت البر والبحر وملأت العالم رعبا وانفردت بحكمه .
     قال احمد حدثنا عبد الرازق اخبرنا معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله عن عوف بن أبي بكر قال أكثروا في مسيلمة قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال (( أما بعد ففي بيان هذا الرجل الذي أكثرتم فيه انه كذاب  من ثلاثين كذابا يخرجون بين يدي الساعة وانه ليس بلد إلا يدخلها رعب المسيح )) .
     ومعلوم أن العالم الإسلامي المعاصر لم يرهبه حاكم مثل ما فعل بوش الابن بعد غضبة (( 11 سبتمبر )) كما انه لم يشتهر رئيس بالكذب كما اشتهر بكذبه عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وبسبب هذه الكذبة دمر العراق . فهو اكذب الكذابين بلا منازع ((ففداحة الكذب تقاس بما يترتب عليه من أضرار )) وإذا كانت هذه الأدلة لم تقنع الناس بشخصية الدجال أو حقيقته فإنهم لا يخرجون عن الحكم العام عن حقيقة تشابه أمر الدجال وعليه يمكن الانصراف من المتشابه إلى المحكم الذي لا خلاف فيه وهو: أن الولايات المتحدة ملأت الدنيا ظلما وجورا بلا خلاف وهذا وحده يكفي لخروج رجل من آل البيت ليملأ الدنيا عدلا وقسطا بازالة الظلم والجور الأمريكي . وهذا هو مدار البحث ومجال اجتهاد الأمة بدلا من الخوض في المواضيع الانصرافية التي تبدد جهد الأمة ــ كما نسمع ونشاهد في حوارات الفضائيات من تحليلات واستنتاجات تذهب بها الريح وتنتهي مع نهاية البث.
     وما وقع في الدجال من تشابه وقع أيضا في الآيات التي بين يدي الساعة والدجال واحد منها . عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات ــ طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج ياجوج وماجوج وخروج الدجال وخروج عيسى ا ابن مريم . وثلاث خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا )) صحيح رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
الدجال والإنقاذ في القرآن:-
لقد سبق ان لغز السيد الحاج وراق في عموده ( مسارب الضىء) إلى موقف الإنقاذ من دعوتى بالكلام عن أصحاب الجنة وكأنه يرمز بالجنة إلى السودان ومحاولة الإنقاذ الإستئثار بحكمه وعدم إفساح المجال لي ومحاولة التضييق على وتوقع في وقت مبكر أن يكون مصير الإنقاذ كمصير أصحاب الجنة ( إن لم أسىء الفهم)
أقول: إن القرآن ذكر الدجال وأشار إلى الإنقاذ فيه بضرب مثل أصحاب الجنة قال تعالى:) هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم أن كان ذا مال وبنين اذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين سنسمه على الخرطوم إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فإنطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون(القلم 11-27
الآيات من ( هماز إلى سنسمه على الخرطوم) وصف للدجال الذي حرم الإنقاذ من ثمار خيرات السودان. آيات القلم من متشابه القرآن وهو علم اختص الله به قال تعالي(وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) آل عمران 7. ولكن الله وعد ببيانه سواء كان في القرآن(ثم إنَّ علينا بيانه) القيامة الآية 19. أو لاصحاب الخصوصية من المهديين(ولو ردوه إلى الرسول وإلي أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)النساء 83.
ووردت الأشارة إليهم في قوله تعالي(لنبينه لقوم يعلمون) الانعام 105 .فالدجالون علي مدى الدهر أدري الناس بهم مهدي كل زمان وأن دجال هذا الزمان أدري الناس به مهدي الخرطوم وهو معني(سنسمه علي الخرطوم).
فقد أوردت صحيفة أخبار اليوم عدد الاثنين 9 مايو 2005م بالصفحة الثانية خبراً جاء فيه ( قرار مجلس (الأمن) رقم 1564 السنة الماضية الذي أعلن أن الحكومة فشلت في تنفيذ القرار 1556 ) . دعا إلى منع الطيران فوق دارفور...... ودعا مشروع قانون محاسبة دارفور إلى قرار جديد من مجلس الأمن يتضمن الخطوات الآتية
أولاً : تجميد ممتلكات وعدم منح إشارة تأشيرة دخول كل من ورد اسمه في تقرير لجنة التحقيق الدولية.
ثالثاً : فرض عقوبات إضافية على حكومة السودان بما في ذالك عقوبات تؤثر على قطاع البترول وعلى أعضاء الحكومة وعلى مسئولين في حزب المؤتمر الوطني وعلى مؤسسات أو شركات يملكونها أو يسيطرون عليها)أهـ
وهذا الخطر ورد في القرآن (مناع للخير) فأصبح السودان عند الإنقاذ (كالصريم) الذي حل بأصحاب الجنة لأن الضمير في قوله (بلوناهم) راجع لأصحاب الخرطوم وهم حكومة الإنقاذ.
هذه الآيات هي من متشابهات الظواهر الكونية لما يستقبل من الأحداث أخذها القرآن إجمالاً لاستحالة  تفصيلها في المحكم ولكن تناول القرآن تفصيلها بالإستنباط من المتشابه في لحن القول..
2/ آية النار:-
     روى البخاري عن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أول اشراط الساعة نار تخرج تحشر الناس من المشرق إلى المغرب )).
     واخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ..... ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا )) أخرجه الترمذي وابن ماجة . وفي رواية أخرى (( ... وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطردهم إلى محشرهم )) .
يلاحظ التشابه في الجهة التي تخرج منها النار مرة من المشرق وأخرى من اليمن وكذلك المدلول اللغوي لهذه النار هل هي نار بمعناها الحرفي أم أن المقصود منها اللغوي (( الحرب)) كقوله تعالى (( كلما أوقدوا ناراً للحرب اطفأها الله )) وهذا قد يكون الأقرب للفهم ويكون معني محشرهم هلاكهم في الفتن والحروبات التي تحصد الناس وتستمر أياما وليالي وسنين عددا على نحو ما جاء في أمثلة حديث الفتن (( كلما قيل انقضت تمادت )) فقد روى نعيم بن حماد قال : حدثنا الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن أبي سعيد ألخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ستكون بعدي فتن منها فتنة الاحلاس يكون فيها حرب وهرب ثم  بعدها فتن اشد منها ثم تكون فتنة كلما قيل انقضت تمادت حتى لا يبقى بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته حتى يخرج رجل من عترتي )) الفتن لنعيم حديث رقم 94 . فالحرب في لسان العرب نارُ
      وقد يكون المقصود بهذه النار حرب الدجال لان معه نار وانه يجيء من قبل المشرق.
روى الترمذي عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله  عليه وسلم : (( إن الدجال ليخرج من ارض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أفواجا كان وجوههم المجان الطرقة )) صحيح
المجان المطرقة : هي الأقنعة التي لبسها الجنود الأمريكان في حربهم ضد صدام لتقيهم من الغازات السامة التي يمتلكها صدام بزعمهم . (( أسلحة الدمار الشامل )) .
3/ دابة الأرض :-
     عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان بن داود وعصا موسى بن عمران فتجلوا وجه المؤمن بالعصا وتختم انف الكافر بالخاتم حتى أن أهل الخوان ليجتمعون فتقول لهذا يا مؤمن وتقول لهذا يا كافر )) أخرجه ابن ماجة والترمذي .
     عن حذيفة بن اليمان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال : (( لها ثلاث خرجات من الدهر : فتخرج من أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية ((مكة)) ثم تمكث زمنا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية يعني(( مكة )) )) رواه أبو داود
     وذكر القرطبي في التذكرة باب ذكر الدابة ووصفها ص576 قال: عن عمر بن العاص قال (( تخرج الدابة من مكة من شجرة وذلك في أيام الحج فيبلغ رأسها السحاب وما خرجت رجلاها بعد من التراب )) .
     وعن عطية العوفي عن ابن عمر قال : (( تخرج الدابة من صدع في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها )) وعن ان عمر أيضا قال (( تخرج الدابة من جبل الصفا بمكة ينصدع فتخرج منه )) .
     وذكر الميانشي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( دابة الأرض تخرج من جياد فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد وهي ذات وبر وقوائم )) .
     وروى ابن ماجة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال ذهب بي رسول الله صلى الله وسلم موضع بالبادية قريب من مكة فإذا ارض يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تخرج دابة الأرض من هذا الموضع )) .
     وذكر القرطبي قول بعض المفسرين المتأخرين القائل : (( إن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة )) اهـ .
     وقال القرطبي : قال العلماء :
(( معنى وقع القول عليهم: أي وجب الوعيد عليهم لتماديهم في العصيان والعقوق والطغيان وإعراضهم عن آيات الله وتركهم تدبرها والنزول على حكمها وانتباههم في المعاصي إلى ما لا ينفع معه فيهم موعظة ولا يصرفهم عن غيهم تذكرة  يقول عز من قائل ــ فإذا صاروا كذاك (( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم )) أي دابة تعقل وتنطق وذلك والله اعلم ليقع لهم العلم بأنه آية من قبل الله تعالى ضرورة فان الدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل ))
أقـول :
انه من الصعب الوصول إلى تفسير دقيق يقنع الأمة في مسألة الدابة وذلك للتعارض البين في أوصافها ولكن المعنى الصحيح هو أن الدابة إنما هي عيسى  ابن مريم . الإمام الحجة الذي يناظر أهل البدع والضلال بالشواهد الآتية : ــ
أن الإنسان دابة لقوله تعالى ) والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ( النور45 وأن للدابة رجلان كما قال عمر بن العاص وإنها تعقل وأن الحيوان غير الإنسان لا يعقل وإنها تكلم الناس والكلام صفة خاصة بالإنسان وخاصة عندما يتعلق الأمر بالوعظ والإرشاد ) أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون (.
     وكونها تخرج من الأرض دلالة على ميلاد عيسى الثاني في هذه الأمة مجرى السنن على ميلاده الأول لقوله تعالى ) إن مثل عيسى عند الله كمثل  ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ( آل عمران 59 وقوله (( خلقه من تراب)) يقصد به خروجه من بطن أمه فيكون خروج الدابة من الأرض بميلاده في الأمة وليس نزولا من السماء كما يتوهم من لا علم له .
     وكون خروج الدابة من ((جياد)) المقصود بها جياد السودان بدليل أنها تخرج ولا تدخل القرية ((مكة))
ولا مانع من أنها تخرج في المستقبل وتدخل مكة وهناك ثلاث خرجات للدابة . والقول القاطع بأمر الدابة)وإذا وقع القول على عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ( النمل 82 فى بيان القرآن قال  تعالى ) ثم إنَّ علينا بيانه( القيامة19 فالقول هو عيسى بن مريم )ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ( مريم  34  أي يمترون في ميلاده الثاني .
دابة من الأرض (( خلقه من تراب )) وقول الحق (( كن )) (( فيكون )) جاء بصيغة المستقبل بعد نزول القرآن لان المقصود ميلاده المتأخر الذي يحدث آخر الزمان في هذه الأمة.   
وفهم المتأخرين للدابة بأنها (( إنسان متكلم يناظر أهل البدع)) هو ما أقوم به حاليا من الناحية العملية.
وكون الدابة تستعمل العصى والخاتم فذلك من آكد الدلائل علي أنها إنسان.
الدابة في القرآن:-
    لقد أخبر الله تعالى الأمة بأنه سيحدث أمراً من عنده في مستقبل أيامها في قوله تعالى )ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا إستمعوه وهم يلعبون( الأنبياء الآية 2 وقال تعالى )وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين) الشعراء الآية 5 وهذا الأمر المحدث هو أمر الله للدابة بالخروج (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون( النمل 82
فالدابة مبعوث من عند الله تعظ الناس (تكلمهم) تهديهم بالخطاب إلى طريق الحق و(تكلمهم) بمعنى تقاتل في سبيل الله الذين لا يوقنون بآيات الله .إن وصف الدابة في القرآن لا يدل إلا على شخص المهدي المبشر به عند كل أهل الملل والأديان وبميزان القرآن فإن الدابة هي عيسى ابن مريم لتطابق ما جاء في وصفها في القرآن ووصف عيسى ابن مريم فيه.
فالقول الذي وقع هو عيسى ابن مريم لقوله تعالى )ذلك عيسى ابن مريم قول الحق(مريم الآية 34 وقوله في الدابة )إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون(يطابق قوله تعالى )قول الحق الذي فيه يمترون(مريم الآية 34 وكونها (دابة من الأرض) يطابق قوله )إن مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون( آل عمران الآية 59 وإذا كان خلق عيسى الأول من التراب يعنى ميلاده من امرأة في بنى إسرائيل فإن خروج الدابة من الأرض يعنى ميلاد عيسى من امرأة في هذه الأمة تأكيداً لقوله تعالى )كما بدأنا أول خلق نعيده(الأنبياء الآية 104 وهى سنة الله في الخلق وليس نزولاً من السماء كما يعتقد من لا علم له.
والدواب قصد منها الناس في قوله تعالى : ) ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون( الانفال22
وقوله تعالى : ) ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون( الانفال55 وأيضاً ((تكلمهم)) معناها  تجرحهم جروح قاتلة يقول زهير:
تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت   ينجمها من ليس فيها بمجرم
4/طلوع الشمس من مغربها :-
     روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفس إيمانها  لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض )) .
     وروى مسلم أيضا عن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أول الآيات  طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس وأيها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا منها )) .
     وروى ابن ماجة عن صفوان بن عسال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن من قبل مغرب الشمس بابا مفتوحا للتوبة عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحا حتى تطلع الشمس من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا)) .
وعنه أيضا قال صلى الله عليه واله وسلم : (( إن للتوبة بابا عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها )).
 وقال تعالى : ) حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا( الكهف 86ــ 88 .
     ما يجب أن ينتبه إليه الناس هو أن فهم غروب الشمس في الأرض مداره عقول الناس بالعلم النظري الظاهري فهم يرون الشمس رأي العين تغرب في الأرض وهذا هو الأساس الذي فسر به علماء ذلك الزمان أن الشمس المذكورة في آية الكهف  وحديث العشر آيات : إنما هي الشمس الكونية الظاهرية التي تطلع كل يوم وتغرب في الأرض .
     ولما كان القران قد انزله الله بعلمه فان الرسول صلى الله عليه وسلم علمه من وحي الله ) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى( النجم 3و4.
وكان الله مسير الأفلاك ومدبرها وهو القائل ) ألا يعلم من خلق( الملك 14
     وقد تبين للناس اليوم أن الشمس الظاهرية لا تغرب في حمأ الأرض بل لا تغرب أصلا بعد أن سكن الناس كل المشارق والمغارب ولم يعد هنالك مشرق للشمس ولا مغرب فان ذلك يسقط فهم السلف لتلك الشمس الواردة في الآية والحديث  فلا مناص من فهم آخر لهذه الشمس وفهم لمعنى غروبها وطلوعها بعد أن تبين لنا فساد فهم السلف .
وبما أن الله فصل كل شيء في هذا الكتاب ) وكل شيء فصلناه تفصيلا( الإسراء 12 سواء كان بالقران أو بما يوحى إلى نبيه من السنة فكان لزاما علينا أن نتدبرهما لاستنباط معنى الشمس المذكورة ومعنى غروبها وطلوعها.
لقد ورد في القران أن الشمس والقمر والكواكب تشير إلى أناس مخصوصين قال تعالى : ) إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين (يوسف 4 وكان تأويل ذلك في قوله تعالى : )فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ( يوسف 99 ــ 100 .
     وان الباب (( أن من قبل المغرب بابا )) الوارد في الحديث يدل على شخص بعينه أيضا مثال قوله صلى الله عليه وسلم (( أنا مدينة العلم وعلي بابها)) أخرجه الحاكم فى المستدرك ج 3 ص 126 والسيوطى فى الجامع الصغير ص 364 
     وبهذه الأدلة  يكون المقصود بالشمس التي تغرب في عين حمئة إنما هي روح عيسى عندما تنزل في رحم امرأة فاطمية من هذه الأمة ومتزوجة برجل فاطمي فكان نفخ روحه في بطنها بمثابة غروب الشمس في الحمأة التي خلقت منها طينة أمه وميلاده يسمى طلوعا لتلك الروح متجسدة في جسم ((سليمان أبو القاسم موسى وهيكله)) وهو باب التوبة المفتوح مادام حيا حتى إذا مات طلعت تلك الشمس ((الروح)) من مغربها ((جسد سليمان )) فيقفل باب الإيمان ويكون ذلك في الغرب ((من نحوه )) السودان فيطابق معنى الأحاديث معنى الآية)وإن من أهل الكتاب إلا  ليؤمنن به قبل موته ( النساء159 . لقد تكرر عيسى بن مريم في ثلاث آيات من الآيات العشر وهى ((عيسى ابن مريم , وطلوع الشمس من مغربها , ودابة الأرض )). 
ولقد لمح القران في الإجابة على هذا التساؤل في لحن القول فقال )يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا( الأنعام 158.
فقد جاءت الآيات بصيغة الجمع ((بعض آيات ربك )) ملمحة للآيات ((عيسى والشمس والدابة)) في ذات واحدة بمظاهر متعددة و يلاحظ اختزال عيسى ابن مريم وعدم ذكره والاكتفاء بدلا عنه بذكر ((ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفس أيمانها ... وذكر الدجال والشمس والدابة )) فلو تقدم عيسىا بن مريم خروج الدجال والشمس والدابة لقفل باب الإيمان بمجرد موته وإذا تأخر عن ذلك ظل باب الإيمان مفتوحا عند خروجه وسيظل كذلك ولا يغلق باب الإيمان إلا بموته بحكم قوله تعالى : )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته (النساء159 .
لقد أشكل على الناس أن الدابة إنما هي الجساسة وسأعود إلى خبرها بعد  الانتهاء من هذه الآيات .
5/ ياجوج وماجوج : ـ
     قال القرطبي في التذكرة ص573
(( واخرج ابن ماجة أيضا وأبو بكر بن  أبي شيبة واللفظ لابن ماجة ، عن عبد الله بن مسعود قال لما كان ليلة اسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده علم منها ثم سالوا موسى فلم يكن عنده علم منها  فردوا الحديث إلى عيسى فقال : فقد عهد إلي فيما دون  وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله فذكروا خروج الدجال : فانزل إليه فاقتله فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم ياجوج وماجوج (( وهم من كل حدب ينسلون )) فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا شي إلا أفسدوه فيجأرون إلى الله فأدعو الله أن يميتهم فتنتن الأرض من ريحهم فيجارون إلى الله فادعوا الله فيرسل السماء فتحملهم فتلقيهم في البحر ثم تنسف الجبال وتمتد الأرض مد الأديم فعهد إلي إذا كان ذلك كانت الساعة من الناس كالحامل التي لا يدري أهلها متى تعجلهم بولادتها )) قال ابن أبي شيبة : ليلا أو نهارا )) . قال : العوام : ووجه تصديق ذلك في كتاب الله تعالى ) حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون (الانبياء97.
     وروي عن ابن العاص قال : إن ياجوج وماجوج ذرء جهنم ليس فيهم صديق وهم على ثلاثة أصناف : على طول الشبر وعلى طول الشبرين وثلث منهم طوله وعرضه سواء وهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام
     وروي عن عطية بن حسان انه قال : إن ياجوج وماجوج أمتان في كل امة أربعمائة ألف ليس امة منها تشبه بعضها بعضا.
     ويروى عن النبي صلى عليه وسلم أنه قال : (( ياجوج امة لها أربعمائة أمير وكذلك مأجوج  لا يموت احدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من ولده ، صنف منهم كالأرز وصنف منهم طوله مائة وعشرون ذراعا وصنف منهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم ، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون انهار المشرق وبحيرة طبرية فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس ))
     ((ويروى أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمي كنمائهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم ، يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلام ويتسافدون تسافد البهائم .. )) اهـ .
أقـول:-
انه من المشكل حقا أن تجد وصفا يجمع هذا التعارض الظاهري في امة واحدة أو أمتين ((ياجوج وماجوج))
وان اقرب وصف لهم هو : أنها الأمة الأوروبية التي خرجت إلى العالم بدءا برحلة الأسبان والبرتقال أواخر القرن الخامس عشر الميلادي واكتشاف الأمريكتين وبقية العالم والجزر المتناثرة على سطح البحار(( من كل حدب ينسلون)) انتهاءً بالغزو الأمريكي الحالي فيما يعرف بالعولمة (( أمركة العالم )) ونشر الثقافة الغربية والأخلاق الأوروبية التي لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا يتسافدون تسافد البهائم باسم تحرير المرأة وحرية الإنسان .
ملاحظة: (1) يعتقد بعض العلماء أن يأجوج ومأجوج هم شعب الصين والحق غير ذلك بدليل أنهم بنوا السد تكمله لما بناه ذو القرنين لصد الشعوب في شرق أوربا لحماية انفسهم من هجمات يأجوج وماجوج. (2) جاء في الكتاب المقدس أن (جوج) رئيس مأجوج وجوج هذا هو جورج الرئيس الأمريكي الحالي.
   6/ الدخان :-
الدخان من أكثر الآيات تشابها على فهم الأمة فقد اختلف الناس فيه قديما ولا يزالون مختلفين .
قال القرطبي في التذكرة : (( وأما الدخان فيروى من حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن من اشراط الساعة دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما )) .
     فأما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من انفه ومنخريه وعينيه وأذنيه ودبره . وقيل : هذا الدخان من أثار جهنم يوم القيامة .
     وروي هذا عن علي وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وابن أبي مليكة والحسن وهو معنى قوله تعالى (( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين )) الدخان 10 .
     وقال ابن مسعود في هذه الآية : انه ما أصاب قريش من القحط والجهد حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان في الجهد حتى أكلوا العظام من الجهد وقد مضت البطشة والدخان واللزام والحديث عنه بهذا في كتابي مسلم والبخاري وغيرهما وقد فسر البطشة بأنها وقعة بدر .
     قال مجاهد : كان ابن مسعود يقول : هما دخانان قد مضى أحدهما والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة وأما الكافر فتثقب مسامعه فتبعث عند ذلك ريح الجنوب من اليمن فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ويبقى شرار الناس . اهـ التذكرة ص544ـ545 .
في هذا العرض الموجز عن الدخان يصعب على المرء معرفة المقصود منه وهل مضى أم لم ينزل في ضمير الغيب أم انه ذلك الحجر الضخم المتوجه صوب الأرض والذي يرى العلماء ـ إن صح علمهم انه سيملأ سماء الأرض دخانا كثيفا يحجب رؤية النجوم والكواكب والشمس والقمر أي يحدث ما يشبه وصف القران لأهوال القيامة الواردة في القران )إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ( التكوير 1ـ2 . وفي تقدير علماء الفلك والفيزياء أن ذلك ربما يؤدي إلى نهاية الإنسان على كوكب الأرض لما يصاحب ذلك من تغيير في مناخ الأرض إذا لم تتكيف معه حياة الإنسان .
     وكل ما يمكن أن يقال هو عدم تقييد خروج عيسى بالدخان لتشابه معرفته.
7/ الخسوفات:-
     الخسف هو أيضا من المتشابه فهل المقصود القمر كقوله تعالى  )وخسف القمر(القيامة 8
     فما أكثر هذه الظواهر في السنين الأخيرة بعد تطور علم الفلك وآلات الرصد ونشر المعلومات وتمليكها للناس قبل وقوع الخسوفات .أم أن المقصود به الزلازل لقوله تعالى )فخسفنا به وبداره الأرض( القصص 81 وهي أيضا نشطت في الأرض أخيرا بصورة مرعبة فدكت مدنا وقرى ودفنت تحت أنقاضها عشرات الآلاف من البشر في مشارق الأرض ومغاربها . الآية العاشرة هي عيسى بن مريم وعليه مدار هذه النشرة وقد تعرضت له في آيتي الشمس والدابة  .
8/ الجساسة :-
     يرى بعض المفسرين أن دابة الأرض هي تلك التي كانت تتجسس للدجال عن أخبار العالم الإسلامي وفلسطين . روى مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال : (( ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ قالوا الله ورسوله اعلم ، قال : والله إني ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لان تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع واسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال ، حدثني انه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجزام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم ارفئوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسنا في اقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا : ويلك ما أنت فقالت : أنا الجساسة . قالوا وما الجساسة ؟ قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل بالدير فانه إلى خبركم بالأشواق قال : فلما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال : فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط واشد وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا : ويلك ما أنت ؟ قال قد قدرتم على خبري فاخبروني ما انتم ؟ قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفـئـنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا ندري قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت ؟ فقالت أنا الجساسة وقلنا وما الجساسة ؟ قالت اعمدوا إلى هذا الرجل بالدير فانه إلى خبركم بالأشواق فاقبلنا أليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال : اخبروني عن نخل بيسان فقلنا : عن أي شانها تستخبر؟ قال : سألتكم عن نخلها هل يثمر ؟ قلنا نعم قال : أما انه يوشك أن لا يثمر قال : اخبروني عن بحيرة طبرية . قلنا عن أي شانها تستخبر ؟ قال : هل فيها ماء ؟ قلنا : هي كثيرة الماء ، قال إن ماءها يوشك أن يذهب ، قال : اخبروني عن عين زغر قالوا عن أي  شانها تستخبر ؟ قال : هل في العين ماء ؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ . قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائـها قال : اخبروني عن نبي الأميين ماذا فعل ؟ قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال : أقاتله العرب ؟ قلنا نعم قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم : قد كان ذاك ؟ قلنا : نعم ، قال : أما أن ذلك خير لهم أن يطيعوه واني مخبركم عني: إني أنا المسيح الدجال واني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فاخرج فأسير في الأرض فلا ادع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن ادخل واحدة أو أحداهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وان على كل نقب منها ملائكة يحرسونها ..))
     ذكره القرطبي في التذكرة ص579ـ580.
     وقد استدل من قال من العلماء : ((أن الدجال ليس ا بن صياد بحديث الجساسة وما كان في معناه)) . وفي كتاب أبي داود في خبر الجساسة من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال :( شهد جابر انه هو ابن صياد قلت : فانه قد مات قال : وان مات ، قلت فانه قد اسلم قال ، وان اسلم قلت : فانه قد دخل المدينة قال وان دخل المدينة ... ) اهـ.
     يلاحظ انقسام العلماء حول شخصية الدجال وهذا الانقسام يدخل الدجال في متشابه الآيات وصعوبة الجزم بمعرفته وقد اشتبه أمره على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون شانه مع الآخرين ولما كان الأمر كذلك فان التأكد من معرفة شخصيته ليست ضرورة لمجيء عيسى بن مريم . فانه قد جاء بالفعل وان جهل الناس شخصيته .
     قال عبد اللطيف عاشور في كتابه ( المسيح الدجال حقيقة لا خيال ) ص19 في تعليقه على هذا الحديث :
     وكما هو واضح في هذا الحديث المطول فان الدجال موجود في العهد النبوي محبوس في جزيرة ما هي التي أشار إليها تميم الداري.
وسواء كان الدجال هو هذا الرجل أم كان ابن صياد ففي كلتا الحالتين توجد دلالة على وجوده في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام)).
أقـول :
 إن اصح ما يقال عن الدجال في تلك الجزيرة إنما هو       ( إبليس) الذي رفض أن يسجد لأدم مع الملائكة فلعنه الله وطرده من الجنة وقد طلب من الله مهلة البقاء مدى الدنيا فأعطاه الله ذلك  )قال انظرني إلى يوم يبعثون قال فانك من المنظرين ( الأعراف 14ـ15 . ويكون انتظاره في الأرض قال تعالي(قلنا اهبطوا منها جميعاً) البقرة الآية 38. وصيغة الجمع(جميعاً) يعني آدم وحواء وأبليس ويكون الهبوط إلي الأرض (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلي حين) البقرة الآية 36.
فلو كان بشرا لقضت عليه الآية ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) وحديث ( مائة سنة ) السابق . وان إبليس هذا هو قرين الدجال الآدمي الذي يضله ويغويه فكان الدجال الآدمي شر غائب ينتظر لان قرينه إبليس الأكبر شر القرناء ولذلك أطلق على ( إبليس) في تلك الجزيرة اسم (الدجال) لأنه يتقمص الدجال الآدمي .
     وأما الجساسة فهي جنية فلا ينطبق عليها هي الأخرى حديث ( مائة سنة ) وفي المستقبل ستكون قرينة لامرأة آدمية ( كوندو ليزا رايس ) تتجسس لحساب الدجال الآدمي تأتيه بأخبار الأمم الخارجية . وبعد هلاك الدجال على يد عيسى ا بن مريم وانهزام جنوده من اليهود وهلاك ياجوج وماجوج سبب الفتن والدمار والفساد في الأرض يقوم المسيح عيسى بن مريم قائم أهل البيت بتجديد الدين ويعيد الناس إلى الإسلام .

الفرق بين رفع الإسلام ورفع القرآن :-
     ذكر القرطبي في التذكرة ص542 (( عن جبير بن نفير قال : حدثني عوف بن مالك الأشجعي قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء يوما فقال : (( هذا أوان رفع العلم )) فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد يا رسول الله كيف يرفع العلم وقد كتب في الكتب ووعته الصدور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن كنت لأحسبك من افقه أهل المدينة وذكر اليهود النصارى وضلالهم على ما في أيديهم من كتاب الله )) قلت (( المؤلف)) وقد ذكرناه في مسند زياد بن لبيد بإسناد صحيح على ما ذكره ابن ماجة وهو يبين لك ما ذكرناه أن المقصود برفع العلم العمل به كما قال عبدا لله بن مسعود : ليس حفظ القران بحفظ الحروف ولكن إقامة حدوده ثم بعد رفع العمل بالعلم يرفع الرقم والكتاب ولا يبقى في الأرض من القران آية تتلى )) .
     وذكر القرطبي في التذكرة في نفس الصفحة ص542 في هذا المعنى ما رواه ا بن ماجة عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   (( يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ويسرى بكتاب الله في ليلة فلا يبقى منه في الأرض آية )) .
     وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : يسرى على القران ليلا فلا يبقى في قلب عبد ولا في مصحفه منه شيئا ويصبح الناس فقراء كالبهائم )) ثم قرأ عبد الله قوله تعالى ) ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا(الإسراء86 رواه الطبراني وقال الهيتمي رجاله رجال الصحيح غير شدادبن معقل وهو ثقة .
أقول:
   وكون عيسى يجد المسلمين في صلاة الصبح دليل على أن الذي يرفع قبل عيسى هو الإسلام ولا يرفع القران إلا بعد موته لان الصلاة بلا قران لا تصح أما الآن فقد رفع الفهم وبقي الرسم.
     أن الأمة عاشت رفع الإيمان والإسلام مع تلاوتها  للقران وحفظها  لحروفه وصومها  وحجها وحصول علماء الدين على الدرجات الجامعية العليا وإجازة شهادة الأستاذية ومع ذلك لا يتجاوز تراقيهم  فَلَىْ ألسنتهم بالكتاب في المحافل وإلقاء الخطب الرنانة في المنتديات من دون أن يكون لذلك اثر تطبيقي لهذه العلوم التي امتلأت بها صدور الرجال ورفوف المكتبات فأصبحت مسابقات حفظ القران أشبه بمنتديات سوق عكاظ التي يتبارى فيها شعراء الجاهلية فطابق حال أهل الزمان حال الجاهلية .
اخرج الحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم   (( سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القران إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه يتسمون به وهم ابعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود)) تاريخ نيسابور للحاكم.
     إن لسان حال الزمان ينطق بخروج المهدي البيتي المجدد لينزل القران إلى مرتبة التطبيق العملي  بعد أن استوفى حقه النظري في كتابات الفقهاء ومحاضراتهم وذلك مبلغهم من العلم أمَّا الذي يطبق الدين هو سليمان أبو القاسم موسى قائم أهل البيت المسيح المهدي .
     ولا يصح إسلام العلماء إلا بإتباعي لقوله صلى الله عليه وسلم(( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849. وليس ميتة الجاهلية تعني رفع القران واند راس حرفه حتى لا تبقى منه آية وإنما رفع الإيمان والإسلام لعدم معرفة هذا الإمام ومن انصرف عن إتباعي من العلماء اليوم واستغنى عني بصلاته وحجه وصومه ينقطع عن الدين والإسلام وهو معنى قوله ((  مات ميتة جاهلية ))
تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم :
     (( سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون العمل ويقرأون القران لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد السهم من فوقه وهم شر الخلق والخليقة )) رواه أبو داود واحمد وابن ماجة والحاكم . وعن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الاسنان سفها الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة رواه البخاري .
     لاحظوا قوله (( يقرأون القرآن )) ، (( ويخرجون من الدين )) أي أن ذلك قبل أن  يرفع القرآن من صدور الناس والصحائف ـ والسبب في ذلك عدم إتباع الأمة لي . عن حذيفة بن اليمان قال: إن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير وكنت أسال عن الشر مخافة أن ادركه واني بينما أنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم قلت يا رسول الله أرايت هذا الخير الذي أعطانا الله هل بعده من شر كما كان قبله شر؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه؟. قال: السيف. قلت: وهل للسيف من بقية؟. قال: هدنه علي دخن. قلت يا رسول الله: وما بعد الهدنه؟ قال: دعاة الضلالة فإن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه وإن أخذ مالك وضرب ظهرك وإلا فأهربنّ في الأرض جدَّ هربك حتي يدركك الموت وانت عاض أصل شجرة. قلت يا رسول الله: فما بعد دعاه الضلالة؟ قال: عيسي ابن مريم. قلت: فما بعد عيسي ابن مريم؟ قال: لو أن رجلاً أنتج فرساً لم يركب ظهرها حتي تقوم الساعة) كنز العمال حديث رقم 39688.
أقول: (هدنه علي دخن) هي اتفاق نيفاشا دخنه السلام المشوب بالحذر الذي ساد فيه علماء الضلاله وليس المهدي الذي يتقدم عيسي بل المهدي هو عيسي نفسه يملك بعد هدنه سلام نيفاشا.
 وسيظل باب الإيمان مفتوحا ما دمت حيا كما نص عن ذلك حديث (( إن من قبل المغرب )) أي في الغرب وهو السودان عرضه ((سبعون سنة)) ولا يغلق هذا الباب إلا بموتي (( لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس من نحوه )) وطلوع الشمس ((وهي روحي)) بموتي بعد أن احكم الناس بالقران وأظهره علي الدين كله .
     فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت :
     سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :ـ
     (( لا تذهب الليالي والأيام حتى تعبد اللات والعزى فقلت : يا رسول الله أن كنت لأظن حين انزل الله : ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله  ولو كره المشركون ( ( التوبة33)  أن ذلك عام قال : انه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم )) .
     هذا الحديث يظهر بجلاء لا غموض فيه أن الرسول في هذه الآية إنما هو عيسى ا بن مريم وهو المرسل ((بالهدى)) في الآية و الذي يظهر الإسلام وأن الإيمان قاصر على إتباعه وأنصاره من هذه الأمة فقد جاء وصفهم هنا تلميحا في قوله (( ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان )) وجاء صريحا في وصف أنصار عيسى فقد روى مسلم أيضا عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين ، لا ادري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض احد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لوان أحدهم دخل في  كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون؟
فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان.. ))
     وهنا يصح القول : أن المهدي الحق البيتي وحجة الله إنما هو عيسى بن مريم .
     إن المجدد لا يأتي بتشريع جديد وإنما يأتي بالفهم الجديد للنص القديم المتداول عند الناس ، الذي يخاطب عصر المجدد وهو سر صلاحية القرآن وإستمراريته إلى قيام الساعة . لان نصوص القرآن حملت في طياتها أحداث المستقبل التي كانت وقت نزوله طي الغيب . إن حوادث الأكوان لن تفلت من رصد الكتاب ((ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها)) الحديد22 ورفع العلم والإيمان هو عدم ربط الحوادث المستجدة بنصوص الكتاب والسنة وسببه السلفيون مرجئة هذه الأمه.  
المسيح قائم أهل البيت :-
     قال سعيد أيوب في كتابه (( المسيح الدجال قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى )) ص313
     ذكر السيوطي في الحاوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إنما سمي بالمهدي لأنه يهدي إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة يحاج بها اليهود )).
سمي بالمهدي لأنه يهدي لأمر قد خفي . يستخرج التابوت من ارض يقال لها ((انطاكية )) اهـ .
     من هذه النصوص يتضح أن المهدي البيتي هذا هو الدابة التي تخرج ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان وفيه إشارة إلى اسم المهدي (( سليمان )) فلا يختم بالخاتم إلا صاحبه :
     فقد اخرج ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان بن داود وعصا موسى بن عمران فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم )) . وجاء ذكره صريحا بأنه عيسى ا بن مريم لتشابه معاني هذا الحديث بالاتي :
     فقد روى مسلم من حديث النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ... ثم يأتي عيسى ا بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ... )) الحديث .
     وقد جمعت معاني هذه الأحاديث في حديث واحد فقد أورد عبد الحسين دستغيب في كتابه ((المهدي الموعود )) ترجمة احمد القبانجي حديث رقم 9 .
(( عن الشعبي عن تميم الداري قلت يا رسول الله ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها انطاكية ما رأيت أكثر منها مطرا فقال صلى الله عليه وسلم نعم وذلك أن فيها التوراة وعصى موسى ورضاض الألواح ومائدة سليمان ........ فلا تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي خلقه خلقي وخلقه خلقي يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا )) .
     لقد أثبتت هذه الأحاديث أن دابة الأرض هي المهدي البيتي وان المهدي البيتي هو عيسى  ابن مريم وأضاف هذا الحديث اسمه يكون (( سليمان )) ويجئ من المغرب ـ السودان ـ كما في الحديث الصحيح (( ثم يجئ عيسى ا بن مريم من قبل المغرب )) رواية احمد . وليس من السماء إذ ليس هناك من الكتاب أو السنة ما يثبت رجوعه إليها بعد نزوله ليلة الإسراء وصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم  كما قال الذهبي . 
ومن لم يحكم بما انزل الله ؟
     إنكم تقرأون هذه الآية ) ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون ( المائدة 44 ، وتغضون الطرف عن مدلولها ، فالآية تخاطب الأمة أفرادا لأنها جاءت نكرة فهي تفيد العموم دون تخصيص على منهاج الحديث (( كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته )) . وخويصة نفسك أولى بالرعاية .
واعلموا أن الله أمركم أفرادا وجماعات بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منكم قال تعالى : ) يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( النساء 59 .
     وأنا ـ سليمان أبو القاسم موسى ـ ولي أمر المؤمنين اليوم وقد أوجب الله طاعتي بحكم آية النساء 59 وهو حكم الله في شأني ومن لم يطعني فقد نفذ فيه حكم الآية (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) . وإذا نازعني احد بادعائه انه ولي أمر المسلمين اليوم يرجع الأمر بيني وبينه إلى كتاب الله وسنة رسوله لمعرفة من هو الإمام بناءاً على قوله تعالى ) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ( النساء59 ، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب على الأمة إجابتي ونصرتي فقد روى أبو داود عن هلال بن عمرو ، سمعت علياً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصرته أو قال إجابته )) فانا ذلك الحارث بن حراث الذي أوجب الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نصرتي وإجابتي ومن أبى فقد وقع عليه حكم الآية (( ومن لم يحكم بما أنزل الله )) هذا إذا لم ينازعني من الأمة أحد يزعم انه هو المقصود بهذا الحديث ـ أما في حالة بروز رجل من هذه الأمة يدعي انه المقصود بهذا الحديث ففي هذه الحالة أتقاضى معه بحكم الآية (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) وأما أن كنتم لا تعلمون حقيقة باني المقصود بهذه النصوص فعليكم أن تجدوا من المقصود بها غيري ؟ ، فان لم تفعلوا فان ذلك (( فسوق بكم )) لأنكم تريدون تعليق أحكام القران والسنة وتعتقدون أنها لا تتحقق على ارض الواقع فانتم تزعمون الإيمان بالنصوص ولكن تكفرون بالشخص الذي يحدده  الشرع بهذه النصوص ، فاكتفيتم بتصديق النصوص وعدم الاعتراف بالمهدي والخليفة المجدد لهذا القرن (( سليمان أبو القاسم )) .
     ما زال الناس في كل زمان يكذبون بكل مهدي أوان ، ومجدد كل قرن، وصاحب كل وقت مع امتلاكهم للنصوص الصريحة من القران والسنة بل إن الواقع يفرض وجود ذلك القائد الذي يحمل الأمة على الصراط السوّي وتطبيق شرع الله في العباد وقد تعاقب كل هؤلاء الواحد تلو الآخر ) ففريقاً كذبتم وفريقا تقتلون ( البقرة 87 حتى صار أمر الخلافة لي اليوم ((وكان أمر الله قدرا مقدورا )) .
     (( لقد كذبتم بالمهدي الإمام الراشد وأبقيتم على الرسم الذي ينص عليه في الكتاب والسنة )) معلقا مع وقف التنفيذ ففرض العلماء بذلك مذهب المرجئة على هذه الأمة فضلت مع علمها بنصوص الكتاب والسنة كما اخبر بها  رسول هذه الأمة فقد روى الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : (( هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا على شيء منه )) فقال زياد بن لبيد الأنصاري كيف يختلس منا ونحن قد قرانا القران فوالله لنقرؤه ولنقرئه نسائنا وأبنائنا فقال (( ثكلتك أمك يا زياد : إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود النصارى فما تغني عنهم )) .
     فليعلم الناس جميعا من نص هذا الحديث أن القران لا يغني عنهم بدون المجدد الذي يبعثه الله ليوضح لهم مقاصد هذا القران وفق حديث المجدد وقد سبق ذكره ووفق قوله تعالى (( ولكل قوم هاد )) الرعد 7 . فالمهدي المجدد هو أدرى أهل زمانه بمقاصد الكتاب والسنة وهو ولي الأمر المقصود في الآية )وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ( النساء 83
      كل نصوص الكتاب والسنة الواردة في شأن الخلفاء الراشدين والمهديين متعلقة بأشخاص مخصوصين منذ عهد أبي بكر الصديق وانتهاءً بسليمان ابي القاسم لا يخلو منهم زمن قط كما في الحديث (( كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر )) وما منهم احد إلا أعلن للناس عن نفسه ) ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ( البقرة 87 .
عدم معرفة شخص الإمام يسقط الإسلام:-
قال الدكتور المقدم فى المهدى وفقه أشراط الساعة ص 569
((....وليس أدل على ذلك من سيرة الخوارج الذين اجتهدوا فى العبادة بصورة مبهرة حتى قال فيهم النبى صلى الله عليه وسلم:
((يخرج قوم من أمتى يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشىء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشىء ولا صيامكم إلى صيامهم بشىء ويقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم،لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية....))رواه مسلم (1066) وابو داود(4768)
وقال صلى الله عليه وسلم ((لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود)) رواه مسلم (1064)
أقول :يستفاد من هذا الحديث الأتى:
1/ إن الأمة تنقسم إلى أقوام متعددة على إمتداد التأريخ إلى قيام الساعة ((قوم من أمتى)) وهذا يفسر لنا الأية((إنما أنت منذر ولكل قوم هاد))الرعد7 إن لكل قوم من هذه الأقوام المتعددة ((هاد)) أى مهدى فلا يخلو منه زمن وهو حجة الله فى الأرض.
2/ ومن زعم أن إمامه القرآن أو قال إمامه الرسول صلى الله عليه وسلم من أقوال المتاخرين تهرباً من إتباع صاحب الوقت فإن صاحب الوقت يأتيك بمكتوب فى إمامك القرآن((ولكل قوم هاد))ويقول لك أنا هادى هذا الزمان فإمامك القرآن يأمرك بإتباعى فإن إتبعتنى أطعت تعليمات إمامك القرآن وإن رفضتنى خالفت تعليمات إمامك فإن عقابك حتماً سيكون الطرد من أهل القرآن.
وهكذا الشأن مع من قال إمامه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن صاحب الوقت يقول لك أنا خليفة هذا الزمان وعندى مكتوب من إمامك رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بإتباعى فى قوله((...وسيكون خلفاء فتكثر قالوا:فما تأمرنا قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم )) متفق عليه والبيعة حق لى عليك فإن لم تفعل فإنك إذن خالفت إمامك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقابك الطرد من ملته ((ليس منك ولست منهم)) أخرجه أبو نعيم فى الحلية وتلحق بقوم الخوارج لأنهم خرجوا عن إتباع الخليفة على بن أبى طالب ((لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب )) يوسف الأية 111 . فلا تعجبك قراءة القرآن أو الصلاة وإن أحسنتها ولا صوم ولا حج لم ترفث فيه أو تفسق فالمهدى(ولكل قوم هاد) زمن هدايته مقصور على فترة بعثته (لقوم من هذه الأمة) فإنه أى المهدى يذكر الناس بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا مات ذلك الهادى بعث الله هادياً غيره وهذا الهادى الجديد ينذر الناس بأحاديث النبى عليه الصلاه والسلام لذلك جاءت الأية بإستمرارية إنذار الرسول صلى الله عليه وسلم على طول تأريخ الأمة ((إنما أنت منذر)) وإقتصر زمن كل خليفة على قوم من هذه الأمة الممتدة ((ولكل قوم هاد)) .
وهذا الهادى الذى لا يخلو منه زمن هو الذى يلحقك بالإسلام وليس عباداتك وما دام لا يخلو منه زمن فإن ذلك يلزم الناس البحث عنه أولاً ولا تنتظر أن يأتيك به البشير كما فعل سلمان الفارسى. فلا يحق لك أن تتحدث بإسم الإسلام أو تعد نفسك من المسلمين إن لم تتبع خليفة زمانك لقوله صلى الله عليه وسلم ((لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود)).
3/ من أطاع الخليفة فقد أطاع الله فى قوله تعالى(( ياأيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)) النساء 59 .
ومن أطاع الخليفة فقد أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله (( فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجز)) صحيح رواه الترمذى وجاء صريحاً فى قوله صلى الله عليه وسلم:
(( من أطاعنى فقد أطاع الله ومن يعصنى فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعنى ومن يعص الأمير فقد عصانى)) رواه مسلم.
وخلاصة ذلك أن لا إسلام لمن لم يعرف إمام زمانه وأنا إمام هذا الزمان ومن اكتفى بعباداته دونى فلا يعد نفسه من المسلمين ((يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية))
وذلك لإقتران طاعتى بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك فى حال مخالفتى.
والخليفة الواجب الإتباع هو الذى يصطفيه الله ويختاره بدليل قوله تعالى((يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله)) ص 26 وليس بإختيار الناس وفق هواهم قال تعالى(( إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى))النجم الأية 23 والهدى هو المهدى الذى جاءهم من ربهم بتعيينه.
واى شخص إدعى إمامة هذا الزمان غير عيسى ابن مريم دعواه باطلة لأن هذا الزمان الذى تطاول فيه الناس بالبنيان((العمارات)) هى أمارة قرب قيام الساعة((وأن ترى الحفاه العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان)) رواه مسلم.
 وإن هذه العلامة (( التطاول فى البنيان)) هى التى تحدد زمن ظهور عيسى ابن مريم (( وانه لعلم للساعة)) الزخرف 61 .
وإذا نفذ الناس أمر الله فإنهم يتبعون خليفته وهذا الخليفة هو الذى يحكم بما أنزل الله ولا يتبع هوى نفسه حتى لا يضله عن سبيل الله أسوة بنبى الله داود عليه السلام.
 وإذا لم ينفذ الناس حكم الله فإنهم لا محالة يتبعون إماماً آخر لا برهان لهم به من عند الله لأن الناس لابد لهم من قيادة سياسية فيكونوا بذلك قد اتبعوا من لم يحكم بما أنزل الله وقال تعالى فى شأن هولاء(( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) المائدة 44 .   

الخــاتمة

     يعتقد العلماء ببقاء عيسى ابن مريم منذ ميلاده الأول بكامل بشريته وكان صحابيا لاستيفائه شروط الصحابي كما قال بذلك الذهبي  ومن ذهب مذهبه من علماء السلف والمتأخرين فان كان  كذلك فان الآية (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد )) قضت على بشريته سواء كان في السماء أو في الأرض كما أن حديث مسلم (( ارايتكم ليلتكم هذه فان على رأس  مائة سنة  منها لا يبقى ممن هو على ظهرها احد )) قد قضى هو الآخر على وجوده بكامل هيئته البشرية في الأرض ، كما حتم قوله تعالى (( وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة )) عودته ليحكم بدين الإسلام خاتم الرسالات وان كلامه للناس في هذه الأمة وهو كهل لقوله تعالى   (( ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين )) آل عمران 46 لا يتم إلا بميلاده ثانية في هذه الأمة وقوله صلى الله عليه وسلم (( ومائدة سليمان ))  دليل على أن عيسى ا بن مريم اسمه ((سليمان )) لقد ذكر الدكتور المقدم في كتابه (( المهدي وفقه اشراط الساعة)) ص37 (( سليمان بن عبد الملك ))   على إنه واحد من الذين ظن فيهم الناس انه المهدي وفي ذلك دلالة على احتمال أن يكون اسم المهدي سليمان  .وأن اسم والده عبدالملك يواطئ اسم والدي(عبدالقاسم).

ان الزمان أفرد قطبا واحدا هو أمريكا منبع الدجال الذي   تحكم في نواصي  الخلق واستهدف الإسلام  والمسلمين قتلا وأسرا وتشريدا فملأ سائر الأرض ظلما وجورا حتى ضاقت الأرض بالمسلمين .
وان حكام المسلين استسلموا لهذا العدو وعجزوا عن حماية المسلمين وعقيدة الإسلام في وجه حملة التهويد والتنصير التي تكبدت ديار الإسلام.
وخاب أمل المسلمين في إصلاح حكامهم ويئسوا من نصحهم وحثهم على الدفاع عن العقيدة والأرض والعرض وما حدث في سجن أبو غريب وأسرى غوان تناموا ومجازر فلسطين خير دليل على سكوت هؤلاء الحكام وقبولهم بالهزيمة فلما استيأسوا من الحكام لجأ المسلمون باجتهادات فردية لمقاومة هذا الغزو في مجموعات صغيرة متفرقة وبإمكانيات محدودة .
إن هذا الوضع لا محالة سيبرز المهدي الموعود ناصر الدين ومنقذ الأمة مكافأة من الله لهؤلاء المجاهدين بالوعد الغير مكذوب الذي قطعه سبحانه وتعالى على نفسه وفق قوله ((و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) العنكبوت 69 .
هذا ذكر وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى والحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق