السبت، 4 يونيو 2016

شمس المغرب

عيسى إبن مريم هو مهدي آل البيت
عن عبد الله بن عمر قال: كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل وما فتنة الأحلاس؟ قال: "هي هرب وحرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلاَّ لطمته لطمة فإذا قيل انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده" رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد ووفقه الذهبي.
أقـول: يلاحظ أن الحديث يفصّل التسلسل الزمني للأحداث بدءاً بحرب القبائل (أحداث بحر العرب) ثم يشير إلى البُعد الجوهري للصراع المتمثل بين قطبيّ الساعة المتضادين بشخوصهم (الدجال) وهذا الرجل الفاطمي الذي ذُكر بالوصل (رجل من أهل بيتي) ثم بالقطع (وليس مني) والشاهد هنا هو زعم الرجل، فهو يزعم أنه من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذات الوقت ينفي صلته به، فالوصف لا يستقيم معناه إلا بعيسى إبن مريم والذي ترادفت عليه القرينة أي (الدجال) في آخرالنص وللحديث فهم عميق أشار إليه الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه الإنسان الكامل، بفقرة جاء فيها الآتي:
"لا يفهم هذا الكلام إلا فتى عربياً قرشياً لغته غير لغة الخلق ومحله غير محلهم". فالجيلي أثبت ما أثبته النبي لنفسه (فتى عربياً قرشياً) بصلته الظاهرية له بعيسى إبن مريم بميلادٍ ثانٍ في البيت العربي القرشي، ثم نفى ما نفاها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه والذي أبرزه بقوله "ليس مني" أي بعدم صلته به بوجه التحقيق فهو في الأصل مقطوع النسب بالخلق لانه روح الله الذي لا ينسب لأحد إلا الله فمحله غير محلهم وهذا الفهم لا يعقله إلا سليمان أبي القاسم موسى.
جاء بكتاب تنبيه الأذكياء للشيخ إبراهيم الكولخي صفحة (11) نقلاً عن الجزء الثاني في الفتوحات المكية لأبن عربي الجزء الثاني صفحة (50) ما نصه:"والختم ليس من سلالته الحسية ولكنه من سلالة أعراقه وأخلافه صلى الله عليه وسلم... إلى أن قال : واما ختم الولاية المحمدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلاً وبداً ... إلى قوله : حتى رايت ختم الولاية منه وهو خاتم النبوة المطلق".
أقول: فجملة "والختم ليس من سلالته الحسية" أي أنه ليس بضعة منه وهذا برهان أنه عيسى إبن مريم عندما تلده إمرأة من آل البيت متزوجة (أعراقه وأخلافه) وهنا أيضاً كلام صريح فكون المهدي مقطوع النسب بأبيه لا تجوز شرعاً إلى في عيسى إبن مريم لانه ليس له أب.
حديث رقم(1).
اخرج الطبري عن أبى أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون بينكم وبين الروم أربعة هدن، يؤم الرابعة على يد رجل من آلـ هرقل، تدوم سبع سنين. قيل: يا رسول الله من إمام الناس يومئذ؟ قال: من ولدى ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده الأيمن خال أسود عليه عباءتان قطوانيتان، كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك) كنز العمال ج14 حديث رقم 38680.
أقـول: ان إمام المسلمين الذي من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم بأوصافه العربية الإسرائيلية هو عيسى إبن مريم لا غير. عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " المهدي من ولدي، الجسم جسم إسرائيلي واللون لون عربي" وهذا تأكيد قاطع أن المهدي هو رسول بني إسرائيل بميلاده العربي بذاته وروحه.
وأنبه هنا لمسألة غاية في الأهمية إستفاضت بها النصوص تتناول الأوصاف الجسدية لهيئة المهدي الإسرائيلية. فقد ذكر السيوطي في العرفي صفحة (222) الآتي: "جاء في وصف المهدي أن في جسده وبين كتفيه علامة نبوة" وعليه فيعني أنه في الأصل نبي ولا عودة ثانية لنبي إلا عيسى إبن مريم. فالبعث الجديد والإحياء الجديد لذات الروح بملامحه الأولى "إي خاتمه" دون إختلاف قط. لأن عيسى هو روح لا بدن. قال تعالى {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (171) سورة النساء. فآدميته هي صورة ذاته أي أنه ليس كائنا ذا روح وأنما روح تجسدت بدناً بجوهر واحد لا يطرأ عليه التبديل ولا التغيير وإن تعدد ميلاده.
قالت سعاد الحكيم: "أما النوع الرابع وهو جسم عيسى فيختلف في نشأته عن الاجسام الثلاثة السابقة كما أنه يشبهها من وجوه؛ فهو يشبه في نشأته آدم من حيث كونه خلق من غير أب، ويشبه حواء من حيث أنه ظهر عن أصل بشري واحد، ويشبه بني آدم من حيث تكوّنه في الرحم وتولّده على الهيئة المعتادة
والاختلاف المهم الذي يجعل جسد عيسى نوعاً رابعاً مغايراً للاجسام الثلاثة المذكورة، هو أنه "اندرجت تسوية جسمه وصورته البشرية بالنفخ الروحي" [فصوص الحكم ج1 ص 142]. ويعني هذا الكلام، أن أجسام الجنس البشري كلها في حدود معرفتنا وُجدت قبل وجود أرواحها، أي إن تسوية البدن ونفخ الروح هما حدثان متتابعان ولم يتمّا دفعة واحدة. فالله سبحانه اذا سوّى الجسم الانساني نفخ فيه من روحه. أما جسد عيسى فلم يسوّ قبل نفخ الروح فيه، بل حدث لحظة نفخ الروح. وسوف ينتج عن هذه المقولة نتائج عدة عند ابن عربي ربما تتقدم معها معرفتنا الانسانية بهذا الشخص الفريد.
ونتجاوز عن كيفية خلق عيسى لنتابع ابن عربي في رؤيته لحقيقة جسد عيسى؛ وحيث أن جسده وروحه وجدا في لحظة واحدة وبفعل واحد، فهذا يقود ابن عربي الى الاستنتاج بأن روح عيسى هي عين ذاته، فالحياة ذاتية له، وهو ليس كائناً ذا روح بل هو روح... هو روح ظهر في صورة انسان ثابتة، كما ظهر جبريل لرسول الله في صورة موقتة هي صورة دحية
وهذا الكلام يعني أن عيسى � بحسب رؤية ابن عربي � ليس كمطلق انسان له جسمان: جسم مظلم كثيف، وجسم لطيف هو روح له وهو عبارة عن بخار يخرج من تجويف القلب وينتشر في أجزاء البدن [الفتوحات ج3 ص 156]، بل يذهب ابن عربي الى التلميح بأن جسد عيسى متخيّل [الفتوحات ج2 ص 333]، او ان جسده هو تجسيد لروحه، وانه "أقرب الى الجسدية من الجسمانية"... اذن، عيسى هو روح تجسدت، لا جسم نُفخت فيه الروح. " .المصدر: قراءة في نص إبن عربي لسعاد الحكيم (http://www.islamic-sufism.net/article.php?id=1371).
حديث رقم (2)
ومما يؤكد قولي ما نقل من مخطوط لأبي هريرة عن أن علياً كرم الله وجهه قال: "سر لكل المسلمين أريد أن أخفيه لولا أنني ألهمت أن أذيعه، قيل وما هو يا علي؟
فقال: إنه فتي منا أهل البيت يملك الدنيا كذي القرنين، فيؤتى من كل شيء سببا وأمره حاكم ولا راد لأمر الله، فقالوا يا بن أبي طالب أهو في زماننا؟ فقال: إنه علم للساعة" المهدي المنتظر على الأبواب �محمد عيسى داود.
أقـول: فتى آل البيت الذي دل على الساعة هو ذات المسيح ذو القرنين بنبوءة ورسالة بني إسرائيل بقرن سابق وإماماً مهدياً بميلادٍ ثانٍ بقرن آخر الزمان وبإسم سليمان. وقول الإمام علي عليه السلام له شاهد في كتاب الفتوحات المكية للشيخ محي الدين بن عربي بقصيدة كان مطلعها:
فقال لي أن شمس المغرب طالعة يمحو بها الله شركاً وعصيانا
وسـورة الكهف تبيّن عن سرائـرهم علـما لها في الكـون قد بانا
ذكر اليتيمين في إخراج كنزهما فضلاً من الخالق الباري إحسانا
من أهـل بيت رسول الله عنصره كمـا كتـبنا لذلك البيـت سلـمانا
لكنه من ديــار الغرب فانفتـحت به الأقــاليم أعجــاماً وعــربانا
قــام في الكــون بالتوحيد مجتـهداً يعد للحرب والهيـجاء فرسانا
واذ طلبـت منه علـما يجــود به وينـفذ المال جيـرانا وســودانا
أقـول: فشمس المغرب بوصف سورة الكهف هي عيسى إبن مريم وطلوعها هو الميلاد الثاني بالمغرب (سودانا) وقوله : "يمحو بها شركاً وعصيانا" وجملة شركاً أي بهدمه للعقيدة التي نادت بتثليث ذات الله وكان هو أي (عيسى) قوامها (المسيحية) وهي سياق إفتتاحية لسورة الكهف والمراد منها النصارى في قوله تعالى {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} (4) سورة الكهف. أما "عصيانا" وهي بالإطاحة باليهودية كما في قوله تعالى {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} (46) سورة النساء. وأما قوله "من أهل بيت رسول الله عنصره كما كتبنا لذاك البيت سلمانا" كلام الشيخ تأصيلاً لمعاني النصوص السابقة في أن هذا المهدي هو عيسى إبن مريم بنسبه الطيني (عنصره) بآل البيت كما صرّح بإسمه دون تورية بإسمه (سلمانا) وهو شخص سليمان أبي القاسم لا غير.
وقوله :" لكنه من ديارالغرب" وهذا رد قاطع للأمة التي توهمت ببقاء عيسى بالسماء بكامل بشريته وهيئته الأولى التي رفع بها. فقد آذرت الفكر النصراني وأصبحت مرتعاً خصباً لعقيدة الخلود السماوي لعيسى والتي نفاها القران جملة وتفصيلا. قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (55) سورة آل عمران. فإذا كان الإتباع حصرياً بشريعته الأولى (الإنجيل) دون إنقطاع إلى يوم القيامة فهذا إقرار ضمني بنسخه للقران ودين الإسلام الخاتم والمهيمن، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ملزم  بإتباعه مما يعني إنكاراً لنبوته وتكذيباً بقوله: "لو كان موسى وعيسى حيين ما وسعهما إلا إتباعي" إي لا مناص، والصحيح بنزوله وهبوطه على معسكرات المسلمين، وهو ليس النزول الأول في الأرض بهيئته الأولى كيوم رفعه وإنما المراد حله وترحاله. الوقائع قد سبقها ميلاده في آل البيت بوصف آية سورة الكهف لشخصه بأنه شمس المغرب (الروح الرباني) فغروبها هو نزوله روحاً في الأرحام (الطين الحمئ) بجهة الغرب ولمزيد من التفاصيل حول معرفة كيفية نزول المسيح  يرجى مراجعة المنشور رقم (16)  بعنوان الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم ، والمنشور رقم (11) عودة المسيح في القران. ومن ثم فديار الغرب هي ذات الجهة التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث التالي:
عن سمرة بن جنادة بن جندب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"ان الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة وانه يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى ويقول : أنا ربكم فمن قال أنت ربي فقد فتن ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من فتنته فلا فتنة بعد عليه ولا عذاب. فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم انما هو قيام الساعة). أخرجه أحمد.
مصدقاً بمحمد أي شاهداً على نبوته ومكملاً لشريعته بالإتباع له مهدياً.
ذكر القرطبي في التذكرة بباب أحوال الموتى وأمور الآخرة ما جاء عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم " ويكون في المغرب الهرج والخوف ويستولي عليهم الجوع والغلاء وتكثر الفتنة، يأكل الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من أهل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو القائم في آخر الزمان، وهو أول أشراط الساعة�. المصدر: التذكرة للقرطبي ص517.
أقول: بحديث سمرة الذي قد حدد فيه النبي صلى الله عليه وسلم جهة مجيئ عيسى من (المغرب) وفي حديث معاوية قد بيّن قواسم مشتركة وأحوال تتطابق بين عيسى إبن مريم وشخصية هذا الفاطمي الذي يخرج من ذات الجهة والذي لم يأتِ ذكر إسمه صريحاً وإنما بوصفه كمهدي. وللاطلاق دلالة كافية في تحديد صفة عيسى بعودته مهدياً بقرائن دالة عليه في قوله "وهو أول أشراط الساعة" وأما من جانب آخر فكون أمر الخلافة بالتنصيب والتعيين في آل البيت فقط (ذرية النبي صلى الله عليه وسلم) أي سلالته الحسية بنص صريح ومحكم "لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي" وأيضاً: "الخلافة في قريش ما بقى من الناس إثنان" فلا ينوب أحداً عنه مهما يكن ومن يكن في أمر أمته إلا بيتيّ ومن ذريته بالتحديد. والقاعدة تشمل عيسى ولا تستثنيه ولايته للنبي صلى الله عليه وسلم "أنا أولى الناس بعيسى إبن مريم، ليس بيني وبينه نبي إلا انه خليفتي في أمتي" فلا تجوز إمامته بأحد إلا أن يولد فيهم ولادة حسية تكسبه الحق الشرعي وتخوّله لخلافة المصطفى صلى الله عليه وسلم في أمته كآخر وارث محمدي يختم الله به الدين في الأرض كما بدأ بهم. قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) سورة الأنبياء.
أقـول: هم الورثة المحمديين الذين تصلح بهم الأمة والتخصيص لآخر وارث تتحقق في زمانه كمالات الخلافة الإلهية على الارض " يهلك الله في زمانه كل الملل ولا يبقى إلا الإسلام" فعنى الصلاح كمفردة لفظية قد ذكرت في أكثر من موضع في حق عيسى. قال تعالى:{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} (46) سورة آل عمران. وكما بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أقول كما قال العبد الصالح عيسى إبن مريم".
و" مِن بَعْدِ الذِّكْرِ" أي بعد التذكير به فكل من سبقوه صلحاء وخلفاء كانوا دالّين لحضرته الجامعة والخاتمة مبشرين بها ومنذرين.
قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (58) سورة مريم.
فكل نبي من آدم  إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو هادِ زمانه وخليفة الله على خلقه وشاهداً عليهم في حياته فإن الهداية مستمرة بإنقطاع النبوة وتمام  الرسالة بوفاة خاتمها عليه أفضل الصلاة والسلام فتظل قائمة، يحمل لوائها من بعده "ممن هدينا وإجتبينا" أي ذريته إلى أن تُختم بعيسى إبن مريم شخصي ولله الحمد.
فإستمساك الأمة لليوم ببيعة إمام قد توفى قبل اربعة عشر (أي النبي صلى الله عليه وسلم) قد أخرجها من الإسلام الذي قام جوهره على بيعة لإمام الوقت الحاضر. فرده جاهليتها المتوارثة جيلاً بعد جيل وهو واقع متجلي عليهم قد وضح النبي الكريم شرطه المتحقق أي بوفاته فهي قد آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفرت بما أُنزل عليه بصريح القول في الحديث التالي:
حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُحشرون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" فأول من يكسى إبراهيم ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول: أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم "وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ*إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"" أخرجه البخاري برقم 3447. "ما دمت فيهم" شاهداً عليهم في حياته ولا تجوز شفاعته لهم بعد مماته "لما توفيتني"، وإستدلال النبي صلى الله عليه وسلم بقول عيسى إبن مريم يؤكد وفاة عيسى إبن مريم في بني إسرائيل وتفويض أمرهم لله "كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ*إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" وشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لها مدلول يشير لأقوام إكتفوا ببيعته له فقط لم تغنِ لهم شيئاً بعد مماته فتبرأ منهم. فما بال بمن تطاولت عليهم القرون . ففي حديث لعلي عليه السلام أنه قال في تفسيره قوله تعالى: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ " - المراد بالإمام إمام عصرهم، فيدعى أهل كل عصر بإمامهم الذي كانوا يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه ".
فالإمام المقصود هو ليس النبي صلى الله عليه وسلم بوجه الخصوص بل هو كل إمام زمان، والذي جاء ذكره بسورة الرعد {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } (7) سورة الرعد. والآية تؤصل وتؤكد  المعنى في سورة مريم  الآية 58 "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا"، فاذا كان الحصر بهداة الأنبياء فقط ولا يشمل المهديين لخرج عيسى في عودته عن مصافهم # فيعود نبياً وخاتماً لها لا محمد صلى الله عليه وسلم، ويعارض قول الرسول الكريم:"لينزلن عيسى إبن مريم إماماً مهدياً" فإن المقصود من "لكل قوم هاد" هم الهداه لأقوام هذه الأمة وعيسى منهم. جاء بكتاب المهدي المنتظر وأدعياء المهدية صفحة (29) الآتي نصه:
" ثم ذكر "تكرمة الله لهذه الأمة" الفائدة الزائدة وهي أن الأمة على ولايتها وعيسى عليه السلام أيضاً حينئذ منهم". ذكر الشيخ عبد الله بن ياس الكولخي رضي الله عنه في دواوينه الست في فصل حرف (الـها):
تمنى كليم الله لو كان واحداً *** من أمة خير الخلق ذاك مقاله
وإِنْ جَاءَ رُوْحُ الله عِيْسَى فَإنَّهُ  ***   مِنْ أَمّتِهِ تَحْكِى الفِعَالُ فِعَالَهُ
يصلى به المهدي يا فوز أمه*** يؤمهم طه وعيسى وآله
جاء بكتاب التصريح بما تواتر في اخبار المسيح لمحمد أنور شاه الكشميري على صفحة (97) "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كيف انتم إذا نزل إبن مريم فيكم وإمامكم منكم" رواه البخاري ومسلم . ولفظه لمسلم "فأمكم" ولفظة اخرى "فأمكم منك" واخرجه أحمد في مسنده" ولفظه :"كيف بكم إذا نزل...؟" وذكره البيهقي في كتاب الأسماء والصفات، وعزاه للبخاري ومسلم ولفظه "اذا نزل إبن مريم من السماء فيكم وإمامكم منكم" وفي الهامش يورد الكاتب:
قال الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوى: "...وقال الحافظ بن حجر: وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة" المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة للبستوي ص286.
وقيل في معنى "وامامكم منكم" وهو منكم أي عيسى إبن مريم ، فوضع الإسم المظهر موضع الإسم المضمر تعظماً له وتربية للمهابة في النفوس. وقد حكى مسلم في صحيحه (193/2) :"عقل هذه الرواية أن الوليد بن مسلم قال لشيخه في هذا السند إبن أبي الذئب :"إن الأوازعي حدثنا عن الزهري عن نافع عن أبي هريرة:" وإمامكم منكم؟ قال أبن أبي الذئب: تدري ما إمامكم منكم؟ قلت تخبرني. قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم." إنتهى.
وقد رجّح المؤلف الإمام الكشميري رحمة الله تعالى عليه. في كتابه (فيض الباري على صحيح البخاري) 4/44 � 47. رواية البخاري.
"وامامكم منكم" على هذه الرواية ويبيّن أن هذه الرواية من تصرف بعض الرواة وأوهامهم ثم يعقّب بفقرة تنبيهية جاء فيها: "ومن غاية الجهالة بصنيع المحدثين ما فعله جهلة الميرزائية الذين لا يهتدون إلى الحق سبيلا. من التلبيس على عوام المسلمين في رواية البيهقي لمّا لم يجدوا كلمة:"من السماء" في الصحيحين"فإن من له أدنى معرفة بالحديث وكتبه يعلم أن المحدثين قاطبة. ولا سيما البيهقي ـ يعزو رواية لبعض المحدثين، إذا أخرجها بأكثر ألفاظها ولا يشترط إستيعاب ألفاظ الرواية، فإذا قال المحدث :"رواه البخاري" كان مراده أن أصل الحديث أخرجه البخاري" . التصريح بما تواتر في نزول المسيح (97 � 99).
أقـول: إن الكشميري يثبت أن الكلمة الموضوعة للفظ (السماء) والتي كانت سبباً في ترسيخ مفهوم النزول السماوي لعيسى إبن مريم، هي من إختلاف بعض المخرجين المحدثين ولا يوجد لها أصل ولا فصل في الصحيحين وإنما كان التفسير حرفي لصورة متخيلة لمدلول معنى كلمة (النزول) ولا غير. واما بصلاة عيسى المتواترة خلف شخوص تختلف أوصافها، هو الفرع الذي تشبثت به الأمة وجهلت الأصل، فإلتبس أمره عليهم وللتوضيح وذلك بالرجوع لقاعدة التشريع من القران الكريم ، قال تعالى {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} (17) سورة هود.
فسياق الآية هو للرد على المكذبين بصدق نبوته صلى الله عليه وسلم مع الوعد ببيانه بغائب أتى (منه) أي من أمته ليصدق على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما كان شاهداً عليه كتاب موسى من قبل ليقيم الحجة على اليهود. قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} (157) سورة الأعراف. هذا تأكيد أن الشاهد الذي يأتي من بعده سيكون هو إمامهم الحاضر والذي يؤمهم بالقرآن لا بالتوراة {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (159) سورة النساء. ليشهد لهم بالإسلام وكتاب القرآن الذي أُنزل على محمد الموجود في كتابهم. وهنا وقفة توضيحية لبيان تعارض رأي المفسرين لجملة (شاهداً منه) بجبريل وحملهم للمعنى بظاهر اللفظ أي تلاوته وقراءته، وهنا تقع إشكالية لغوية لا يمكن أن يستقيم لها معنى والقرآن برئ منها. وان كانت على فرضيتهم فيكون وضع الجملة (يتلوه عليه شاهداً) أي جبريل.
والفرضية  الثانية تكون (يتلوه شاهد عليه) أي القران فتصبح الآية عارضت نفسها بنفسها لأن جوهرها يدور حول التشكيك بها (القران)  فتكون الشهادة للقرآن وليس للرسول صلى الله عليه وسلم، فيؤمنون بالكتاب ويكفرون بما أنزل عليه الكتاب. والصحيح في قوله تعالى (منه) تبعيضية أي من ذريته من له شهادة، لها طابع خاص لدى اليهود وتحدد مسبقاً شخصيته دون لبس في أنه ذات المنتظر العربي الإسرائيلي إمام الزمان الأخير.
قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} (41) سورة النساء. مبعوث منهم (بالميلاد) ويجيئ بلسانهم وطبعهم وهذا ما اراد الشيخ الكولخي في قوله "وإن جاء الله روح الله عيسى فانه من أمته" أي من أمة النبي صلى الله عليه وسلم وليس من أمة اليهود.
عن الأصبغ بن نباتة قال: "أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الأرض أرغبت فيها؟ فقال: لا والله مارغبت فيها ولافي الدنيا يوماً قط ولكن فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملاها عدلاً كما ملئت جوراً وظلما تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأني لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ اولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة، قلت: ومايكون بعد ذلك؟ قال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له إرادات وغايات ونهايات" الكليني الكافي ج ص338.
أقـول: فالمولود من ظهر الحادي عشر من ولده وله غيبة يضل فيها أقواماً وهم (المسلمين والنصارى) ببقاء عيسى إبن مريم حياً ببشريته في السماء وهو سبب ضلالهم بعدما كانوا على هداية وبيّنة في أمرهم بإيمانهم المجرد كمبعوث رباني ولكن عُميت على بصائرهم تجليات النصوص في عودته الثانية بميلاده الأرضي فضلوا وأضلوا. عكس اليهود "يهتدي فيها آخرون" الذين كانوا في الأصل على ضلال سابق بإنكاره وتكذيبه. فالهداية تأتي بعد الضلال. وما بعد الحق إلا الضلال. وقوله :"انه لمخلوق" أي في الزمن الآتي ووقائعها يصفها قوله تعالى:{وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (159) سورة النساء.
قال إبن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة: المعنى ليؤمنن بالمسيح قبل موته أي الكتابي. فالهاء الأولى عائدة على عيسى إبن مريم والثانية لهم" وقال أبو هريرة :"أي قبل موت عيسى". القرطبي .
جاء في كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الأخرة للإمام القرطبي: و روى من حديث معاوية بن أبي سفيان في حديث فيه طول، عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال)...ويكون في المغرب الهرج و الخوف ، و يستولي عليهم الجوع و الغلاء ، و تكثر الفتنة و يأكل الناس بعضهم بعضاً ، فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من أهل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو المهدي القائم في آخر الزمان و هو أول أشراط الساعة)التذكرة باب منه في المهدي و من أين يخرج.
حديث رقم (16):
عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدجال خارج ، وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة ، وإنه يبرئ الأكمة والأبرص ويحيي الموتى ويقول للناس : أنا ربكم ، فمن قال : أنت ربي ، فقد فتن ، ومن قال : ربي الله ، حتى يموت على ذلك فقد عصم من فتنة الدجال ولا فتنة عليه ، فيلبث في الأرض ما شاء الله ، ثم يجيء عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم فيقتل الدجال ، وإنما هو قيام الساعة " .أثبته عن الكراني أنا محمود ، رواه أحمد في سنده عن روح وعبد الوهاب بن عطاء عن سعيد .
أقول: في الأثر الأول قد عيّن النبي صلى الله عليه وسلم جهة المغرب (غرب السودان) حيث مكان خروج عيسى ابن مريم والأثر الثاني قد بيّن فيه قواسم مشتركة بين المسيح وشخصية هذا الفاطمي القادم من نفس جهة المغرب والذي تتطابق وقائع خروجه معه ولم يتم التصريح باسمه وإنما بصفته كمهدي، ففي مسند أحمد جاء فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم اماما مهدياً" فالحديث وما شاكله يشير إلى حقيقة ثابتة أن صفة عيسى ابن مريم في عودته الثانية بالميلاد مهدياً لا نبياً.
وقد علق الدكتور البستوي في صفة المهدي الذي يصلي خلفه عيسى: "الأحاديث الثابتة في الباب لا تثبت أن المُبشر به يلقب بالمهدي أو يخاطب بالمهدي ولذلك فمن الممكن جداً أن يكون رجل صالحاً هداه الله إلى الحق كما ورد في بعض الروايات "وإمامهم رجل صالح" انتهى.
فمن ثم فإن الرجل الفاطمي الذي يخرج بالمغرب هو نفسه المهدي عيسى ابن مريم شخصي سليمان أبي القاسم موسى العبد الأسود المجدع الأنف بذات واحدة تعددت القابها وأوصافها بقرائن حاله في قوله: "وهو أول أشراط الساعة والضمير يعود لهذا الفاطمي كأول شرط لها وهي دلالة كافية أنه عيسى ابن مريم علامتها الدالة عليها من قوله على الأثر الذي يليه " إنما هو قيام الساعة".
حديث رقم (17):
فقد جاء في (باب من هو المهدي ومن أين يخرج) "التذكرة للقرطبي". فإنه روى من حديث ابن مسعود، أنه يخرج في آخر الزمان من المغرب الأقصى يمشي النصر بين يديه أربعين ميلاً راياته بيض وصفر فيها رقوم فيها اسم الله الأعظم مكتوب. فلا تهزم له راية وقيام هذه الرايات وانبعاثها من ساحل البحر موضع يقال له مأسنه من قبل المغرب فيعقد هذه الرايات مع قوم اخذ الله ميثاقهم في النصر والظفر وأولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون.
أقول: فآخر الزمان كنسبة حسابية لم يحدد بتاريخ ولكن دل عليه خروج هذا الرجل البيتي من المغرب الأقصى وهذا تكملة لشرح الأثرين السابقين ليبيّن أن المقصود واحد وهو عيسى ابن مريم شخصي سليمان أبي القاسم موسى لا أحد سواي فقد أورد الشيخ الأكبر ابن عربي في كتابه عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب: "إذا دنا الأجل واقترب طلع هادياً من حيث غرب" – "فدنا الأجل واقترب". قيام الساعة وشرطها الأول الذي يحدد ميقات خروج المهدي الفاطمي من المغرب ليوكد أنه ذات عيسى ابن مريم الذي طلع مهدياً بميلادٍ ثانٍ بالسودان حيث غرب فيه من قبل وفي الفقرة "فيعقد هذه الرايات مع قوم قد أخذ الله لهم ميثاق النصر والظفر{أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (22) سورة المجادلة.
أقول: وقبل التفصيل أورد ما قاله القرطبي في تذكرته في شرحه لحديث (طائفة أهل المغرب) لما اشكل من تلخيص كتاب مسلم وقد إختلف في من هم هذه الطائفة وأين تكون؟ فرد: إنهم بالغرب أي غرب الأرض".      
وما نخلص إليه من كلام القرطبي أن غرب الأرض هي الحجاز ومكة غربها كل ما غربت عليه الشمس بالنسبة إليها والنصوص لم تدع مجال للتأويل بل عينت السودان باسمه ورسمه وأهله. وعودة إلى ما إقتطعناه من الشرح، فالأقوام الذين أخذ الله ميثاق النصر وجعلهم ظاهرين على غيرهم قد جاء وصفهم في قوله تعالى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) سورة آل عمران.
فأهل الحديث هم طائفة عيسى ابن مريم ثلة أهل السودان "عصابة تكون مع عيسى ابن مريم".
باتباعهم له مهدياً في عودته بميلادٍ ثانٍ في الأمة المحمدية برسالتها الخاتمة والناسخة لكل الشرائع فهنا ملاحظة قد جهلها جمهور العلماء و تغاضوا عنها. وهي تأويلهم لهذه الآية وإسقاطها على بعثة عيسى ابن مريم الأولى (ببني إسرائيل) والذي تولّد منه تناقض لا يقبله الشرع. في قوله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران.
والذي يفسرها قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كان موسى وعيسى حيين ما وسعهما إلا إتباعي".
فالإسلام هو الرسالة الخاتمة والناسخة لشريعة عيسى الأولى (الأنجيل) فإن الظهور والفوقية المستمرة إلى قيام الساعة لهؤلاء الموصوفين في صدر النصوص "مع قوم قد أخذ الله ميثاق النصر..." وعلى ما جاءت به الآية. فلا يصح ولا ينبغي لهم هذا التفضيل في إتباعه بإنجيله. إلا أن يكون عيسى هو نفسه تابعاً للشرع المحمدي الخاتم".
كما أشار إليه جاء في الحديث التالي:
 حديث رقم (18):
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو يثنينها ، ولا ينـزع بشـرع مبتدئاً فينسـخ به شريعتنا ، بلينزل مجدداً لما درس منها متبعها" . رواه مسلم . تفسير القرطبي ج 4 ص 100.
حديث رقم (19):
عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.. فقال ذلك خروج عيسى ابن مريم" .تاريخ دمشق.
أقول: فمجيئ وخروج عيسى ابن مريم قد سبقه الميلاد بالمغرب الأقصى بمنطقة (الديلاء مال) منذ العام 1947م وباسم سليمان.
فقد جاء بكتاب – نفس الرحمن في فضائل سلمان ص 649-650 عن الحسين بن حمدان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "أتهنون سلمان بالإسلام ان سلمان كان يدعو في بني إسرائيل إلى الإيمان بالله إلي قبل مبعثي باربعمائة وخمسين سنة".
فسلمان الذي كان يدعو ببني إسرائيل قبل اربعمائة وخمسين سنة قطعاً هو عيسى ابن مريم شخصي سليمان أبي القاسم موسى لاغير برسالة الإنجيل التي سبقت البعثة النبوية بمئات العقود وهي فترة طويلة لم يكن لسلمان الفارسي وجود فيها ليؤكد ان سلمان البيتي هو شخصي المسيح الذي ولد بالسودان.
جاء بجفر الإمام علي عليه السلام: " أصحاب بلال أصحاب آدم، فيهم سر الإيمان خبئ حتى يوقظه المهدي من أرض السودان "كتاب (المفاجأة) صفحة (428 – 429).
هذا النص جليل القدر لمعانيه ودلالاته السامية، فأصحاب بلال هم السودان ثلة الأعاجم رعاة الإبل أهل الغرب(دارفور). وجاء الإقتباس في الوصف ببلال لسواد بشرته.
وأما سر الإيمان الذي خبئ فيهم وهي إشارة صريحة إلى الروح الرباني (روح الله) فهو سر الوجود وغاية كل مريود الذي غاب ذاته وروحه بأرض السودان، وهذا السر لا يهدى إليه إلا عيسى ابن مريم لا غير "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم".
حديث رقم (20):
جاء في التذكرة للقرطبي صفحة -128- باب خروج المهدي:
" إذا خرج المهدي بالمغرب. على ما تقدم فيبعث كتبه إلى جميع قبائل المغرب، أن أنصروا دين الله فيأتون إليه من كل مكان ويجيبونه ويقفون عند أمره ويكون على مقدمته صاحب الخرطوم".
أقول: فالمهدي الذي يخرج بالمغرب أرض السودان هو شخصي المسيح سليمان أبي القاسم موسى "ويبعث كتبه إلى جميع قبائل الغرب" وهي كتبي (منشوراتي) البالغ عددها (68) منشوراً لما فيها من البيان في أمرهم العظيم الذي خصاهم الله به "لو كان الإيمان في الثريا لناله هذا وقومه" فهم نجدة الأمة ومن تنزاح بهم الغمة ولا يتم النصر إلا بهم لا غيرهم، جفت الأقلام رفعت الصحف، فهم من يحملون على عواتقهم الأمانة التي وُكلت لهم بيقين صادق لا مراء فيه وعيونهم تفيض من الدمع للزود عن حمى الإسلام ونصرته ومناصرتي بعد ما جحد بدعوتي أهلي المسيرية إلا قليل منهم الذين مكثت فيهم عمراً عتياً وما زادهم حرصي عليهم إلا تسفيهاً وغياً فأني لم أرد منهم جزاءاً ولا شكوراً وإنما إعلاءاً لكلمة ونصرة دينه الذي إرتضاه، فإنقلبوا على أعقابهم واتبعوا آثار أبقارهم وركنوا إلى الدنيا واطمئنوا إليها وغرهم الشيطان بزخرف القول، فاعرضوا عن داع الحق الذي يرفع الله به عنهم ظلم الجبابرة، فأبدلوا ولايتهم لله لوليٌ غيره فأبدل الله ولايته لقوم آخرين هم أهل بها ليعلموا أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق