السبت، 4 يونيو 2016

المسيح عيسى بن مريم هو دابة الأرض

أود التنبيه إلى أن ماجاء بالمقالات السابقة أو غيرها والتي تزخم بها المواقع الإلكترونية هي فكرة متأخرة قامت على أساس إستنساخ شروح مفصلة كان لي السبق الأول في بيانها على سلسلة منشوراتي. قال تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ  (60) عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ (62) } سورة الواقعة.
وعليه فالسبق المعرفي الغير معلوم للناس هو بإستنباط المعاني الدالة لوقائع تكرار النشأة الخلقية لعيسى إبن مريم ببني إسرائيل "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى" فالأولى وقائعها معلومة ولا خلاف عليها. وأما الثانية (مجهولة) فهي من العلوم الإلهية الخاصة وتبقى غيباً لا مطمع لأحد بالإحاطة بوقائعها "وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ" كسابقة إستنساخ الميلاد الأول بآخر وبطور جديد وإبدال خلقي جديد "نبدل أمثالكم" وهو المدخل في فهم كيفية العودة الثانية للمسيح إبن مريم بدلائل متحققة لا لبس عليه. قال تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} (15) سورة ق. وهي حقيقة الميلاد الثاني للمسيح بوصفي الدابة المشار إليها. فأنا ولله الحمد المعني بالوصف لا غير. ولازالة التناقض والتضارب بين إعتقاد كل طائفة من طوائف المذهب الشيعي (الإمامية الإثني عشرية) المتمثلة بالسيد حسين القحطاني " بأن الدابة هو شخص المهدي قائم آل البيت" وبين الطائفة اليزيدية والمتمثلةبالسيد محمد ناصر اليماني "بان الدابة هو المسيح عيسى إبن مريم ولكي تكتمل الحقيقة التي لم يدركوا سوى نصفها وغاب نصفها الآخر عنهم على سواء هي أن عيسى إبن مريم هو نفسه المهدي البيتي ذات الدابة شخصي سليمان بميلاد جديد مهدياً وبإسم جديد (سليمان).
ولبيان التوافق عليه سوف أعيد توضيح أهم النقاط التي جاءت بمقال السيد عبد الله حسين القحطاني مع الإمساك عن الطرف الآخر(ناصر اليماني) الذي كان الأقرب للصواب لولم تتشابه عليه النصوص الصريحة في تأكيد صفة عودة عيسى إبن مريم "إماماً مهدياً" أي لا نبياً وهي كالآتي:
1-                ففي الفقرة المنقولة من حديث إبن عباس والتي علق عليها بقوله " يحمل سيماء من الأمم التي تقدمت على الأمة الإسلامية بالإضافة إلى أنها تحمل سيماء من الامة الإسلامية من حيث أنه يتكلم باللغة العربية" فالمعنى له شاهد من السنة والروايات البيتية ليطابق الوصف على المهدي البيتي الذي جاء ذكره بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري كأنه من رجال بني إسرائيل" وعنه أيضاً " المهدي من ولدي الجسم جسم إسرائيلي واللون لون عربي" وبقراءة الحديثين يتبين جلياً أن الدابة التي تحمل سمة لنشأتين "الجسم الإسرائيلي" أي سمة لأمة سابقة. وبإطلالة عربية (لون عربي) أي سمة للأمة الإسلامية، هو عيسى إبن مريم ببعث وإحياء جديد بالميلاد في ذروة سنام العرب (المسيرية) فهم الأصدق بلسان العرب بيد أن المهدي يخرج منهم.

2-                وفي حديث الإمام علي عليه السلام " انها دابة تأكل الطعام وتمشى في الأسواق". الإنتباه بأن القاعدة المستوحاة من كلام علي عليه هي بإستدلاله بالنص القراني في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} (7) سورة الفرقان. وهذا تأكيد على أنها في  الأصل مبعوث رباني (رسول الله) بكامل بشريته بنشأة طبيعية لا يختلف ظاهرها عن ظاهر الخلق "ياكل ويمشي في الأسواق" وهذا ما ابرزه قول المرسي أبا العباس:" لم يتميز عن غير الأولياء من جنسه فقد شاركهم في جميع حركاتهم وسكناتهم وأحوالهم ولم يظهرمن أصناف ولايته للظاهر بشي". ليفضي إلى حقيقة الميلاد الثاني لذات الروح الرباني بوقائع لا يؤبه لها أحد من الناس وجرياً لسنة الله التي لا تتبدل في رسله في قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (20) سورة الفرقان. فالآيات قضت ببشرية الدابة من حيث المأكل ومخالطة الناس بل وقد الحقتها بجملة الرسل دون أن يقدح وصفها كدابة من مرتبتها أي أنها في الأصل رسول من الله. ولا عودة ثانية لرسول إلا عيسى إبن مريم. ورمزية الوصف  تشير لوقائع الآية {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} (75) سورة المائدةقال تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (165) سورة النساء. فلما كانت الغاية الأولى من بعثة الرسل هي بإقامة البيّنة على وحدانية الخالق جلّ وعلا وبين تخصيصهم كفئة مختارة مناط بها القيام بدور التبشير بثوابه والوعيد بعذابه. والحصر لم يثتثنى الدابة ليدل أنها من جملة هؤلاء الرسل "المبشرين" (عصا موسى) والمنذرين (خاتم سليمان) كحجج دالة على دورها كرسول من عند الله وذلك تحققاً لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (7) سورة الأنبياء. فما من مبعوث رباني "بشيراً ونذيراً" إلا وهو رسول. وهذا الرسول قضت السنة الإلهية أن لا يكون إلا رجلاً أي بذات الطبيعة الخلقية لجنس المرسل إليهم. قال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً} (95) سورة الإسراء. هذا تأكيد أن الدابة هي بشراً من أهل الأرض ولا يطلق إسم (رجل) على نوع ذكر آخر وظاهر في الأرض غير الجنس البشري وإن إختلف جوهره (ملكاً أو روحاً)، قال تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (9) سورة الأنعام. فإن كان جنس الرسول روحاً علوياً فهو قد تختلق بنفس هيئة الجنس المرسل إليهم "رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ" أي بهيئة أرضية بشرية كاملة" لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً" أي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ولما كان دور الدابة كرسول مبشر ومنذر (تجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم على أنف الكافر بالخاتم) أي بين الترهيب والترغيب فهذا تاكيد قاطع على أنها أظهر بيّنة وأتم حجة  من غيرها بتفريقها بين الفسطاطين وهذا الأمر من العلوم الإلهية الخاصة التي أثرها الله  لنفسه. وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (7) سورة القلم. وقال تعالى : "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" سورة الشورى الاية (24 - 25). فعيسى إبن مريم هو كلمة الله التي يحق الله بها الحق ويمحو بها الباطل الدابة التي تختم على الكافر بالخاتم وتجلو وجه المؤمن بالعصا. وهنا يكمن وجه الإعجاز الرباني للدابة والتي ليس لها نظير كآية من الآيات العظام الدالة على الساعة وإنتهاء عجلة الزمن الذي ما عيّن نهايته إلا بها ولم يرد في حق رسول صلى الله عليه وسلم أنه آية للساعة سوى عيسى إبن مريم {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} (61) سورة الزخرف. أي لا يحدها الزمان ولا يحصرها المكان. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } (50) سورة المؤمنون. والساعة كآية فهي لتشهد على صدق هؤلاء الرسل المبشرين والمنذرين وقول الدابة {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82) سورة النمل.  هو أصدق برهان وآكد بيان بذلك بشهادتها على نبوة كل نبي ورسالة كل رسول فهم آيات الله المرسلة التي لا يوقن بها الناس وخروجها أي الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم هو آية بذاتها كأكبر بيّنة وأكمل مظهر للحق إلى الخلق بشقه الرباني (روح الله) بالهيكل الإنساني في أجلى الحضرات وآخر التجليات (تنزل الحق في مرتبة السمع بذاته) دلالة على إكتمال دائرة المعارف الربانية في الأرض وتمام الغاية وبلوغ النهاية. مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم حاكياً عن ربه "كنت كنزاً مخفياً لم أُعرف فخلقت الخلق فبي يعرفون.." أي يعرفون ذاتي بذاتي والإشارة في كلام الإمام علي عليه السلام " توقعوا ظهور مكلم موسى في الشجرة من على الطور يظهر هذا ظاهر مكشوف ومعاين موصوف لا بوصفي لا بفعلي "طور الشريعة بحجاب الخلق "أنه لا إله الا هو" وإنما بطور الحقيقة " بحجاب الحق" يا موسى إنني أنا الله لا إله إلا أنا" وفي مرتبة السمع (التكليم)، قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (164) سورة النساء. وبلسان الدابة (المظهر الذاتي للروح الرباني في عالم الكثافة والظهور أي {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ}  فهو الكلمة الإلهية التي تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.
ولإبن عربي اسلوب معجز في التعريض بالوقائع من خلال كشفه لحقيقة خروج الدابة (الميلاد الثاني) لهذا الروح الرباني في آل البيت على قصيدة جاء فيها :
من بيت رسول الله عنصره ** كما كتبنا لذلك البيت سلمانا
من نسبه الشرف الأعلى منازله ** فسر بذلك نبينا وعدنانا
من الملائك إلا أنه بشر ** يحيى به أقطار وبلدانا
 ومن ثم فالمهدي البيتي شخصي الدابة هو ذات الروح العلوي المحتدي الأعلى مناذلة والأرضي المنشأ (عنصره البيتي) بنزوله روحاً فيهم وتخلقه بهيئتهم (الميلاد الثاني) أي (وللبسنا عليهم ما يلبسون) بطبيعة بشرية كاملة (رجلاً) إلا أنه من الملائكة أي روحاً وبإسم سليمان وقوله: "فسر بذلك نبينا" وهي البشارة التي ذفها النبي صلى الله عليه وسلم لبنته "أبشرك يا فاطمة فالمهدي من ولدك" وهذا التفصيل هو القاعدة لشرح المقال أعلاه ولإيجاد أرضية وقابلية تسع لفهم الفقرات التي تحتها خط وهي كالآتي:
1-                أول مخلوق أرضي غير بشري ليس من نسل آدم
وأقول: فلما تبيّن من محكم النصوص السابقة على بشريتها (ميلادها الأرضي) وفي ذات الوقت ليس من نسل آدم وإنما من جهة الأم هذا تأكيد على أنه ذات المسيح عيسى إبن مريم. إذ ليس له صلة رحمية بالخلق في ميلاده الأول ببني إسرائيل (من مريم) أي سمة لأمة سابقة. أو ميلاده الثاني في الأمة المحمدية (من ولد فاطمة) فالقران والسنة شهداء على إستقلالية خلق عيسى إبن مريم. قال تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (171) سورة النساء. وقال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (45) سورة آل عمران. والآيات صريحة بعدم وجود شق بشري له بآدم أو ذريته (مريم) بوجه التحقيق وهو روح الله أي ليس سليل أحد، كما في قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (59) سورة آل عمران. الآية تتحدث عن الطور الخلقي الكامل والتام لعيسى إبن مريم عند الله والمنفصل إنفصالاً تاماً عن الخلق (مريم وآدم) لتنفي أمومتها الرحمية به كما نفت أبوة آدم له وإنما من باب التطابق الخلقي من كون آدم لا أبوان له. وجاء وجه التشبيه بحرف الكاف (كمثل) لينزه (مثل عيسى) أي خلقه عن آدم وذلك لإختلاف جوهره الرباني الرباني (روح الله) وإن تشابه معه في المظهر (من تراب).
2-                وفي الفقرة (بل أن هذا المخلوق فاق كل البشر في قدراتهم اللغوية ويخاطب العرب بلسانهم وبجميع لهجاتهم ويخاطب الأعاجم بجميع لغاتهم".
أقول شارحاً: كونها تقارعهم الحجة (تكلمهم) وتخاطبهم بلهجاتهم بإقامة البيّنة عليهم وبلغتهم العربية هذه دلالة على أصالة عروبتها ومنشأها (الميلاد الثاني) لعيسى إبن مريم في الأمة الإسلامية بلسانهم العربي الفصيح، وكونها جمعت مذاهب الأمم السابقة الغير عربية (أعجمية) ويراد بهم اليهود والنصارى وبكتبهم (التوراة والإنجيل) هذا برهان قاطع على أنه عيسى إبن مريم إذ لم يرد الوصف بصورة صريحة ودقيقة في شخص آخر سواه ، أوتي الحُكم بجميع الكتب. قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} (110) سورة المائدة. وقال تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} (48) سورة آل عمران. فعيسى إبن مريم هو الفرد الجامع لكل مذهب وملة " يهلك الله في زمانه كل املل ولا يبقى إلا دين الإسلام" بإقامة الحجة على كل مذاهب أهل الأرض من نصارى (الإنجيل) ويهود (التوراة) وأهل الإسلام بإختلاف طوائفهم وتعدد طرقهم فهو يؤمهم بالقرآن (الكتاب) والسنة المطهرة (الحكمة) فهما المنهل والأصل لكل مسلم ولتأصيل المعنى حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ:إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَهْدِيَّ لأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّامِ يَسْتَخْرِجُ مِنْهُ أَسْفَارًا مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ فَيُحَاجَّ بِهَا الْيَهُودَ فَيُسْلِمُ عَلَى يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ".
جاء أيضا " إذا قام القائم قسم بالسوية، وعدل في الرعية، واستخرج التوراة وسائر كتب الله تعالى من غار بأنطاكية، حتى يحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن" (الغيبة للنعماني: ص157، وانظر: بحار الأنوار: 52/351)
وكفى بالنص شهادة وأختم الشرح بالفقرة التالية :
3-                "ويبدوا أنها لا تعرف السأم والملل والضجر لأن مهمتها هي كلام الناس وسوف تستمر دون كلل أو إرهاق في التخاطب والتجاوب مع من يحاورها".
أقول: فمنذ إعلاني للناس أمر دعوتي في مطلع ثمانينات القرن الفائت (1981م) بأن شخصي سليمان أبي القاسم موسى هو عيسى إبن مريم عيناً وذاتاً وقد بعثني الله تعالى مهدياً بميلاد ثانٍ في الأمة المحمدية وطيلة نيف وثلاثون عاماً وإلى لحظة صدور هذا المنشور وأنا على قولي وكلامي وماضي في أمري في حلي وترحالي ويشهد بذلك القريب والبعيد وهو واقع مرئي يجسد معانيه ما جاء بخطبة الإمام علي عليه السلام بالجفر: "لا يفلت من يدي المهدي بلاد العرب" فبلاد العرب هي أرض المسيرية الحُمْر والتخصيص لها كأول بقعة تشهد فصول خروج الدابة (الميلاد الثاني) وأما قوله " لا يفلت من يدي المهدي" ليطابق فعل المهدي لوصف الدابة في الحديث المشهور "لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب" لا يدركها طالب بالنصر والظفر على كل من توهم ببطلان هذه الدعوة وردها فلا يستطيع أحد مهما يكن ومن يكون أن يزحزح واحداً من قوائمها الأربعة وهي:
(1/ المسيح يولد للمرة الثانية 2/ بالسودان 3/ وفي هذا الزمان 4/ بإسم سليمان) وذلك على قاعدة الكتاب والسنة فلا ينالها طالب مصداقاً لقوله: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) سورة آل عمران.
فوقهم أي بالبينة الظاهرة. " ولا ينجو منها هارب" أي لا يفلت منه فكل من لاذ واحتمى بالنصوص المتشابه واستغنى بها عن المحكم في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} (7) سورة آل عمران. "إبتغاء تأويله" في سبيل الدفاع عن عقيدته بعد ما غابت عنه دلالة المحكم الصريح فيجد نفسه وجهاً لوجه في معاداة الحق. فالنص حجة عليه لا له وإن أنكر المنكرون وتأول المتأولون فلا يعلمه إلا الله وخاصته (الراسخون في العلم) فيستنبطون معانيه ومقاصده. وحجتي  قائمة لا أحيد عنها طرفة عين إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً فكفى به شاهداً وكفى به نصيراً والله يقول الحق ويهدي السبيل وإنا لله وإنا إليه راجعون.الدابة تخرج من ديار المسيرية " برية فارن" بلسان البروفسير:  عبدالله الطيب:
 كان هذا عنواناً لحلقة وثائقية دينية لأحدى برامجه الإذاعية على الراديو القومي لاذاعة أمدرمان في مطلع الثمانيات من القرن الفائت. وبما انني قد تطرقت في عدد من منشوراتي لحقيقة الدابة بوجه مغاير لتفسير السلف فأستعرض جزءاً منه للإستزادة والتبيان. قال تعالى:"وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" النمل (82) عن حذيفة قال:  (اطَّلع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال:  ( لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات:  
طلوع الشمس من مغربها
والدجال 
والدخان 
والدابة 
ويأجوج ومأجوج
وخروج عيسى ابن مريم
وثلاث خسوف:  
خسف بالمشرق
وخسف بالمغرب
وخسف بجزيرة العرب
ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا ) أخرجه مسلم.وجاء في وصف الدابة:  قال القرطبي في التذكرة في شرحه للدابة:  وأما الدابة فهي التي قال الله تعالى "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" (82) سورة النمل 
وروى عن عبد الله بن عمر:  أن هذه الدابة هي الجساسة
وروى عن ابن عباس أنها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة فاختطفه العقاب.
وروى عن ابن الزبير:  أنها جمعت من خلق كل حيوان.
وروى عن ابن عمر أنها على خلقة الآدميين وهي في السحاب وقوائمها في الأرض.
وقد قيل أن الدابة التي تخرج هي الفصيل الذي كان لناقة صالح عليه السلام.
وأورد القرطبي قول بعض المفسرين المتأخرين:  
(أن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم ليتقطعوا فيهلك من هلك عن بينه ويحي من حيى عن بينة ) التذكرة للقرطبي فصل الدابة.
أقول: بهذا قد أختلفت الأقوال في شأن حقيقة الدابة ولإستجلاء المعني يكون القرآن هوالأساس الذي تقوم عليه البينة والحجة.
أولاً:- فما ذكرت هذه الدابة دون غيرها من الدواب قال تعالى: ما مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍَ"(هود56)  وقال تعالى:" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا"(فاطر45).إلأ وأحاطتها هالة من التأهويل والترهيب فمرد ذلك لصرف معناها لغير جنس البشر مع انه من جملة الدواب المحدثة "المتكلمة" والتي تدب على الأرض" تمشي عليها ".قال تعالى:" وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِوَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (النور45). ومن ثم فإن لفظ"دابة" اعم وأشمل لـكليهما"الانسان والحيوان" دون أداة التعريف" ال" في الايآت السابقة والتخصيص لا يكون إلأ بوجود قرينة دالة للجنس كقَوْله تَعَالَى:" إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ"(الانفال55). و قال تعالى:" إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ) الأنفال(22-23). الآيات تؤكد  بوجه صريح بإطلاق اللفظ على الأنسان صاحب التلكيف دون غيره من الذوات الغيرالعاقلة وهذا ينافي لحمل المعنى للدابة المشار إليها بعدة قرائن" تُكَلِّمُهُمْ" اي دورها الهدائي والرسالي وحملها لمواريث نبوية سامية" عصا موسى وخاتم سليمان" وبإشارة بيّنة ودقيقة عن أسمى العلوم الإلهية التي تتكلم بها وهو علم اليقين الذي لا يكون إلا لنبي أو وارث نبي من المهديين الهداة كقال تعالى: " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ"السجدة(24). وقال تعالى:"  كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين".(التكاثر5) ِ
فاقول: ان مايدعو حقيقة للتأويل في أمرها هو انها ليست كسائراتها من الدواب الأخري المذكورة بوجه عام فهي أرضية المنشأ والاصل "تراب"  قال تعالى:"مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) طه(55). وقال تعالى:" وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا) نوح(17) فالايآت اوقعت العموم من بني آدم وذريته دون إستثنى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"... كلكم بنو آدم وآدم من تراب). خلافاً للدابة التي تكلم الناس" أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ" فوجه الغرابة والإعجاب أن لا صلة لها بالأرض"آدم" فبما أن هذة الدابة مرسلة فجوهرالسياق هوأن سُنّة الله قد إقتضت أن يكون شخص الرسول من جنس المرسل إليهم.  قال تعالى "وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ" الأنعام ـ.9  فهذه شواهد ثابتة لا مناص من القبول بها.
(أ)- فالملك كروح علوي مرسل قد تخلق بنفس الهيئه وإن كان من غير الجنس. " لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً " اي " ذكر"  وهذ يعارض لمعنى "الدابة" كوصف لفصيل حيواني مزعوم يخرق الأرض يتسم بصفة انثوية. فيكون القرآن قد عارض بعضه بعضاً للنظام إلهي لايتغير ولا يتبدل في قوله تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ " إلأ رجالأً اي ذكوراً فقط وليس إناثاً بتاكيد حاسم وجازم "إلأ" وهذ يسقط كل الظنون والأوهام التي اصبغت على الدابة ملامح انثوية. قال تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ).(الزخرف 19) هنا ملاحظة مهمة يجب الوقوف عليها بتدبر في أن الآية من ظاهرها تتحدث عن صفة تلك الأرواح العلوية وباطنها يشير الى الدابة وسياق سورة الزخرف يتحدث عن خلق عيسى ابن مريم. " وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ"  اي بهيئة تألفها طبيعتهم وتُدرك كثافتها بالجوارح الظاهرة "حاسة البصر" فجبريل عليه السلام بتزواره للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان يترآى لمن في المجلس من الآخرين بهيئة آدمية وبصورة بشرية سوية محسوسة.
حديث رقم(16) فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:  بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه ...الى قوله" يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: "الله ورسوله أعلم"، قال: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم )رواه مسلم).
أقول: قبل الشرح هناك اشارة الفت اليها الإنتباه هي ان هذا الحديث هو الوحيد الذي يفسر في مجمله العام مرتبة الاسلام الظاهر"اي بالجوارح" ففيه ثنائية دقيقة تتفق مع جوهر تفصيلنا بأمر جبريل عليه السلام بظهوره بكثافته الآدمية بصور(دحية الكلبي) فعن قتادة عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان جبرائيل يأتيني على صورة دحية الكلبي، وكان دحية رجلاً جميلاً) رواه الطبراني. فحديث عمر بن الخطاب ليس  فيه من الخصوصية والحصر وانما من باب مرتبة العقل الظاهري لعوام الناس دون تفاضل أو تمييز وذلك في قوله "بينما نحن جلوس"  اي مجموع الحاضرين دون تقيد او تخصيص لمراتب الادرك العلية التي مافوقها "الإيمان والإحسان". قال تعالى : "وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" (71الذاريات). قال تعالى:" وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ"(.هودٌ.(78). فهذا السرد المطول انما توطأة لحقيقة الدابة وهو روح الله عيسى ابن مريم شخصي سليمان أبي القاسم موسى بميلاد ثانِ بنشأة ارضية آدمية جديدة لا صلة لي بها مطلقاً كسائر الدواب (بني آدم) فموطني الملأ الأعلى (عالم الروح). وللمزيد من البيان أرفق فقرة توضيحية من المنشور رقم(16)بعنوان(الميلاد الثاني لعيسى ابن مريم) قال تعالى:" وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" (82) سورة النمل.
مما يؤكد أن المقصود واحد وهو عيسى ابن مريم هذا في جانب القرآن وأما السنة ففيها من البيان ما يثبت ان الدابة إنما هي عيسى ابن مريم بقرائن الأحوال في لحن القول " وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ" محمد 30. لا في صريح المقال وبسيماه لا باسمه قال عز وجل (تعرفهم بسيماهمالبقرة273).
عن حذيفة قال:  ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال:  
(لها ثلاث خرجات من الدهر:  فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية (مكة) ثم تكمن زماناً طويلاً، ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البداية ويدخل ذكرها القرية يعني (مكة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لن تدعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب فارفض الناس منها شتى ومعاً وتثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كالكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه، فتقول له يا فلان:  الآن تصلي فتقبل عليه فتسمه في وجهه ثم تنطلق، ويشترك الناس في الأموال ويصطحبون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر حتى أن المؤمن يقول:  يا كافر اقض حقي وحتى أن الكافر يقول: يا مؤمن اقض حقي " ذكره أبو داود.  المصدر: القرطبي في التذكرة باب ذكر الدابة وصفتها.قال تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82) سورة النمل.
حديث رقم(8)
عن عباية الأسدي قال "سمعت أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وهو تكٍ وأنا قائم عليه قال: لأبنين بمصر منبرا، ولأنقضن دمشق حجرا حجرا، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه، قلت: كأنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت؟ فقال: هيهات يا عباية قد ذهبت في غير مذهب. يفعله رجل مني".  البحار (60/58).
أقـول: الكور هو الإسم العربي المحلي الذي تطلقه المسيرية لأنهارها الخمسة (بحر الغزال ـ بحر الزراف ـ بحر الجبل ـ بحر الجُر) والجر هو بمعنى العرب بلغة الدينكا (الوافدين) ـ بحر اللول والذي يطلق عليه هو الآخر (بحر الحُمر)) ومن ثم فالرجل الذي من ولده والذي يسترد أرض الحُمْر المسروقة هو عيسى إبن مريم المهدي البيتي شخصي سليمان بعصاه التي يسوق بها الناس وهذا ما قصده الإمام علي عليه السلام وليس ما ذهب إليه عباية ولمحت إليه بعض المذاهب الشيعية وحامت حول فكرة الرجعة للأمة وبالأخص علي عليه السلام والذي نفاها عن نفسه. فالمبعوث الدنوي بعد الموت هو عيسى إبن مريم، قال تعالى {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (33) سورة مريم. وهو عين المقصود بالرجعة مهدياً لا نبياً . فالشيعة بنو عقيدة الرجعة بإستدلالهم لوقائع الحديث النبوي التالي:
حديث رقم (9)
عن علي بن إبراهيم : قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: انتهى رسول الله - صلى الله عليه وآله - إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - وهو نائم في المسجد وقد جمع رملا ووضع رأسه عليه ، فحركه برجله ثم قال ( له ) : قم يا دابة الارض ، فقال رجل من أصحابه : يارسول الله - صلى الله عليه وآله - أفيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم ؟ فقال : لا والله ما هو إلا له خاصة وهي الدابة التي ذكرها الله في كتابه : ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) . ثم قال : يا علي ، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك". مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني ج 3 ص 90 :

فكان الوصف عليه بالتعريض والتصوير فقط . وإنما بالتحقيق في المولود الذي يأتي من ظهر الحادي عشر من ولده كما في فقرات الجفر لعلي بن أبي طالب التالية:
"...إنما الناس مع الملوك والدنيا، والدين مع الغرباء فطوبى(20) لهم حتى يخرج لهم مهدي آل البيت بعد ما يزلزل الله أرض الحُمْر المسروقة ويتمنى الناس العدل"
أقول: فخروج المهدي من أرض الحُمْر المسروقة هو ذات المعنى القرآني لخروج الدابة من الارض (الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم) بديار المسيرية الحُمْر (الأرض) وليس بالخروج الحسي لكائن من جوف الأرض وللتوضيح أستشهد بدلائل الأخبار من القران والسنة في أمر الدابة.
حديث رقم (10)
روي مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها
والدجال
والدخان،
والدابة
ويأجوج ومأجوج
وخروج عيسى ابن مريم
وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب
ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلي المحشر تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا) رواه مسلم.
وقال القرطبي في وصف الدابة :"وأما الدابة التي قال الله تعالى عنها "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" (82) سورة النمل.
ورُوي عن عبد الله بن عمر أن هذه الدابة هي الجساسة، ورُوي عن إبن عباس انها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة فإختطفه العقاب.
ورُوي عن الزبير أنها جمعت من خلق كل حيوان، ورُوي عن إبن عمر أنها على خلقة الآدميين وهي في السحاب وقوائمها في الأرض.
وقيل أنها الفصيل الذي كان لناقة صالح عليه السلام.
وأورد القرطبي قول بعض المفسرين المتأخرين :"أن الدابة إنما إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم ليتقطعوا، فيهلك من هلك على بينة ويحيى من حيي على بينة" إنتهى . التذكرة للقرطبي.
أقـول: قبل الشرح والبيان هنا نقطة جدير بالإهتمام في رواية حذيفة. فحديث النبي صلى الله عليه وسلم يتناول تسلسل الأحداث بدءاً بطلوع الشمس من المغرب كأول آية وعلامة للساعة ومن المعلوم أن في كل أحاديثه ذات السياق، قد ثبت فيها أن خروج مهدي المغرب هو أول أشراطها والذي لم ياتِ بذكر إسمه في الحديث صريحاً وإنما كان تلميحاً وترميزاً لهذا الروح الرباني (شمس المغرب) ثم قوله :"خروج عيسى" أي خروجه من المغرب وليس نزوله من السماء "ويجيئ عيسى من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة" فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقائع طلوع الشمس (ميلاده)على الخروج وهي فترة التبليغ والتكليم في وصف الدابة للناس واللفظ ما ذُكر لأحد إلا عيسى إبن مريم "ويكلم الناس في المهدي وكهلا من الصالحين".
وعليه أقول: أنه ما ذكرت هذه الدابة دون غيرها من الدواب كقوله تعالى: "مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا" هود الآية (56). وقوله تعالى أيضاً: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ" النحل الآية (61). إلا وأحاطتها هالة من الغموض. لأن مرده بصرف المعنى لغير جنس الإنسان والذي هو من جملة هذه الدواب المحدثة (المتكلمة والتي تدب في الأرض). ومن ثم فإن الإطلاق للفظ الدابة هو إسم أعم وأشمل لكل الجنس الحيواني العاقل والغير عاقل. ولا يكون التخصيص لكل منهما إلا بوجود قرينة دالة للجنس في قوله تعالى :"إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ" الأنفال الآية (22). وقوله تعالى:"إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ"الأنفال الآية (55).
وهنا القرينة الدالة للجنس هي (الذين لا يعقلون) و(لا يؤمنون) ليؤكد أن الوصف على الإنسان صاحب التكليف دون غيره من الذوات الغير عاقلة بالإضافة إلى أنه ينافي سنة الله التي لا تتبدل لحمل المعنى للدابة المشار عليها بعدة قرائن (تكلمهم) دورها الهدائي  وحملها لمواريث نبوية سامية (عصا موسى وخاتم سليمان) وتكلمهم بعلوم المتحققين الكمّل أي (علم اليقين) والذي لا يكون إلا لنبي أو وارث لنبي من المهديين الهداه "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ" السجدة الاية (24). فما يدعو حقيقةً للترهيب هو أنها في الأصل ليست كسائر الدواب الأخرى والمذكورة بوجه عام (دواب الأرض) أي بني آدم كما في قوله تعالى: "وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا" نوح الآيات (17-18). لعموم آدم وذريته بقول الرسول صلى عليه وسلم"كلكم من آدم وآدم من تراب" خلافاً للدابة التي تكلم الناس، فوجه الغرابة أن لا صلة لها بالأرض ولا بآدم وذريته "ليس مني" ولما كانت هذه الدابة مرسلة من الله، فإن السُنة الإلهية إقتضت أن يكون شخص الرسول من جنس المرسل إليهم، قال تعالى:" وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ*  وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ" الأنعام الآيات (8 � 9). ولو بإفتراضية (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً) فالملك كروح علوي مرسل فقد تخلق بنفس الهيئة البشرية وإن كان من غير جنسهم (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ) و (لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً) أي ذكراً وهذا يعارض لمعنى الدابة كوصف لفصيل حيواني مزعوم ويتسم بصفة أنثوية لا يقبلها المنطق على أقل الفرضيات، فيكون القران قد عارض بعضه بعضا لنظام محكم لا يتغير ولا يتبدل في قوله تعالى :"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" النحل الاية(43). (إِلاَّ رِجَالاً) ذكوراً وليس إناثاً بنافيه (إلا) وهذا يمحو كل الأوهام التي أصبغت على الدابة ملامح أنثوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق